» يومٌ من عمري « | ||||||
|
قبس من نور ( إبحار رأي، ومقال تسكبه حروفكم ) ( يمنع المنقول ) |
( إبحار رأي، ومقال تسكبه حروفكم )
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||
|
|||||||||||||
سيريالية بل هي حاجات (2)
الجزء الأول على هذا الرابط
https://www.boohalharf.com/vb/showthread.php?t=16050 الحزء الثاني والأخير .. لم يلتق الذئب النبيل باللبوة المشاكسة إلا في سنوات الدراسة الجامعية.. هي لم تتغير، التفوق ذاته والإصرار نفسه والحماس أضحى أكثر حدة ، أما حلم التغيير لديها فقد غدا أكثر بروزا ونضجا.. هو أيضا ما زال يحمل في ثنايا الجوف كل خصال نبل الذئاب، وما زال يؤمن بأن العالم ينتظره لإحداث أرقى تغيير، وعلى إيقاع مسيرة ثواني الزمن المستعجل الذي لا ينتظر ولا يعبأ بأقلام أحد.. أنهى كل منهما مرحلته الجامعية.. لم تعد هي تسمع عنه شيئًا، ولم يعد هو يعرف أيّا من موانئ الدنيا حطت فيها مراكبها.. سنوات طويلة مرت بكل جديد وقديم إلى أن التقيا صدفة خارج أسوار الوطن دون أن يعرف أي منهما الآخر.. التقيا بعد أن لاحت آثار شبه الهزيمة والانكسار على قسمات وجهيهما.. التقيا أولا عند قفص الطيور ثم عند قفص الذئاب،وأخيرا عند قفص الأسود في تلك الحديقة الأجنبية.. عند قفص الذئاب شكت هي في شخصية ذاك المخلوق الذي كان الوحيد بين الكل المتفرج الذي تكاد عيناه تدمع وهو يتأمل حال الذئب الأسير كسير النفس داخل زنزانته.. قفصه.. كان توجعه واضحًا وهو يستمع لتعليقات بعض الأطفال على رائحة القفص وهزال الذئب وسوء لونه، ولم يتمالك نفسه حين صحح وبصوت عال أقرب للصراخ منه للحديث معلومة أحد الأطفال، حين سأل الطفل أمه عن نوع ذاك الكلب الرمادي داخل القفص.. قال وبسرعة متفجرة: أنه ذئب لا كلب!! شكّت هي في أن يكون هذا المخلوق هو ذاك الزميل الذي كان أيام الجامعة، يتحدث الذئب كأنه يتحدث عن أدق دقائق ذاته، أو كأنه يتحدث عن أقرب قريب له!!! تركت قفص الذئاب وما زالت هي أسيرة حيرة الشك… أمام قفص الأسود ، ظلت فترة طويلة تتحسر قهرًا كلما وقع نظرها على ذاك الضخم المتثائب بكسل، ذاك الأسد الرابط بزاوية من زوايا سجنه ويبدو سعيدًا بحاله الجديد مكتفيا بما يحيط به من بقايا عظام ولحم.. كلما وقع نظرها على تلك اللبوة كلما انفرج أسارير وجهها خاصة وأن تلك الكائنة كانت تجوب القفص غير مستقرة على حال، كانت تقفز متمردة على حواجز سجنها وكأنها تحتج على الزمن الذي جعلها مجرد أداة لتسلية رخيصة الثمن! تأمل هو حال تلك المرأة الواقفة أمام قفص الأسود، ملامحها غير غريبة عليه، تذكره بصورة إنسانة حتما ما زالت في مخزون الذاكرة، لكن حماسها للبوة ونظراتها السلبية وتجهم تعابيرها ناحية الأسد حسمت الأمر، هي فلانة بلا شك.. وفجأة لمحته هي وهو يتأمل حالها خلسة، اعتذر منها بأدب مبررا لها تصرفه بأنه يشك بأنه يعرفها لأنها تذكره بإنسانة كانت ترى أن اللبوة أرقى الكائنات.. ضحكت وردت عليه: أنت ذاك الذئب النبيل بلا شك!! وبعيدا عن دنيا الأسود والذئاب وإيحاءاتها أو رمزيتها سألته عن عالمه وحال الأيام معه، وسألها في المقابل عن مسيرة رحلة العمر معها، وبعد طول حديث وإنصات اتفقا على أن صوت ذلك الفنان الكفيف المليء بالشجن والألم معا وهو يردد: أنت إشراقة شمس حياتي ولم تعد كما كانت، ولم تعد تثير أي إحساس من أحاسيس الأمس، وبعد أن تراجع الحلم، وثبت أن للكبتِ قدرة عجيبة على مصادرة عدة ألوان الصغار، تلك العدة التي كانت ذخيرة تكوين الغد الآتي بأجمل وأنبل الأشكال!! تغير الإحساس، تبدل الموقع، غاب مطارد الأثر، ولم يعد صوت العندليب الأسمر المعجون بالمعاناة حافزًا كافيا لمناجاة النجوم بعد أن أصبح صوت علي الحجار وهو يردد :" انكسر جوانا شيء" هو خير معبر عن جملة الأحوال.. وقبل أن بودعها قال لها: أتذكرين كلمات ذلك الشاعر الشجي القادم من نقاوة وبساطة الريف ليصطدم بكل بلاوي وملوثات وزيف المدينة العربية!! أتذكرين قصيدته الرائعة التي يقول فيها: يا بلدنا يا عجيبة فبك حاجة مسحراني تزرع القمح بصعوبة يطلع القرع بثواني وياليتها ياهند !! كانت حاجة واحدة بل هي حاجات وحاجات، وأشياء تكسرت على أشياء.. للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
سيريالية؟.. بل هي حاجات!! (1) | الْياسَمِينْ | قبس من نور | 18 | 10-31-2024 11:11 PM |
حاجات الإنسان فى الاقتصاد | عطيه الدماطى | ظِلال وارفة | 3 | 05-15-2023 05:25 PM |