•• أواخـرٌ ديسمْبَــــر •• (2)

•• أواخـرٌ ديسمْبَــــر •• (2)

،،


أجل ، إنها أواخر ديسمبر مجددا ،
تلك الأيام المفرطة القسوة ، المنحوتة من وجع القلب ، المكتنزة بالبرد ، بالنهايات ، وبالوداعات الصامتة ،
هي أواخر ديسمبر ، أيام مقتطعة من أزمنة غابرة نسيَت بعض لحظاتها ودقائقها ثم جاءت لتأحذها من راحة البال ، ومن دفاتر النسيان ، جاءت لتستعيد بقية الفرح إلى حيثُ القلق ، إلى حيث الحسرة ، إلى حيث الآلام التي آثرت أن تنزوي في قاع القلب فتنكأها مثل جرح يستفيق بأقصى مواجعه .
أخبرتك قبل عام من الآن .. بمثل هذه الأيام تماما أنّني أفتقدك كثيرًا ، لكِ الآن أن تتصوري حجم ذلك الافتقاد ودلك الشوق كم صار شاهقا ، وكم حفر عميقا بداخلي ، كم أهلكني ، وكم استهلك مني ذلك الصمود الذي كنتُ أتذثّر به ، هشاشة أنا ، هشاشة تمشي ، وتسقط وتحبو وتخبو ، هشاشة تدّعي القوة ولا تملك غير كلمات أكل عليها الانتظار وشرب !
أواخر ديسمبر ، تلك الأيام العادية الاعتيادية لديك ، بل وربما هي الأجمل والأمتع ، حيث تتغطى الأرجاء بالثلج ، ويتزين العالم لاستقبال عام جديد ، ذاك تماما ما يحزّ بالقلب ، ألا نكونَ معا ، أن يمر إثنا عشر شهرأ آخر دون أن نلتقي ، دون أن نتهاتف ، دون أن نتراسل ، وأيضا دون أن أنسى ودون أن تنسيْ ، مكلفٌ جدا أن يمرّ كلّ هذا العمر دون أن يكون بيننا اعتذار ، مكلف جدا أن تمتلئ المسافات ما بيننا بالانتظار ، موجع جدا هذا الذي يحدث ، أن أقف كلّ عام لأحصي خسائري فيك ، أن أقف كل عام على قمة ديسمبر لأقول أنني أحبك بكل ما أوتيت من القهر والندم وأمضي دون أن أجد صدى لكلماتي تلك غير قلبٍ يحدّثني أنّك مثلي ، لا فرق بتاتا ، سوى أنك تلوذين بالصمت ، و ألوذ أنا بالبوح المؤجل إلى ما بعد ديسمبر آخر !

للمزيد من مواضيعي