» يومٌ من عمري « | ||||||
|
قناديـلُ الحكايــــا يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح.. ( يمنع المنقول ) |
يعدو الربيــع بعد الربيــع ويكبر البوح..
( يمنع المنقول )
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
تَمرُدْ
تَمرُدْ
قصة قصيرة انكفأ في تعبٍ على وجهه، فوق أوراقه المتناثرة على المكتب، والتي ازدحمت بشخصياتٍ وأحداثٍ، كان هو المحرك لها، كأنه يراقصها على حبالٍ، عُقِدت أطرافُها بأصابعه. تدحرج من يده القلمُ واستكان كصاحبه في غفوةٍ، بعد ليلةٍ حافلة بصراعات شخصياته، واقتتالهم على صفحات قصته الطويلة. لم يشعر بخطوات بطله " راكان " الذي تمرد على سطور قصته، وخلع معطف الحبر، واعتلى صهوة يده في حيرةِ وتأمل، وشرع يتفرّسُ في وجه هذا الراقد، وصمَّ أذنيه عن شخيره المزعج. تلفّتَ حوله في تعجبٍ، و أبهره وهجُ هذا المصباح فوق رأسه كأنه شمس منتصف النهار، وظلمة المكان كأنها سماءُ البيداء التي ينتمي إليها. قفز عن يده إلى منتصف الصفحة الأخيرة، فانزلقت قدماه على حبرها، وشرع يقرأ تلك السطور أسفله. ( وانطلق راكان موجهاً عنان ناقته إلى قبيلة أخوالها ). فاغراً فاه في اعتراض، حين وقعت عيناه على ( قبيلة أخوالها ) فتقرفص في مكانه، ودفن رأسة بين راحتيه، كأنه يندب حظه. فكّر ملياً في كلام ِ "عروب"، حين أخبرته بأن الوصول إلى مرابعها أمرٌ عسير، وتلك السطور تؤكد نبوءتها. كانت حسناء قبيلتها، حديثها الشعر، وخطواتها مرور السحاب، وعيناها السحر، وليل شعرها وشت به جارتها ، لبائع ٍ متجول ٍ، فصار يضرب به الأمثال. لقاؤهما عند تلك النبعة مازال يذكره ، حين أنهك الظمأ ناقته، وشرب هو من ينابيع عينيها، ومن يشرب من عين "عروب" يعود إليها. قال والدها له: هي لابن عمها منذ الصغر، والعرب عاداتهم دستورٌ لا يتغير. وحين رآها وإياه خلسة، كأنهما نجمتان في غسق الدجى، أقسم بأن تزف "عروب" عند اكتمال البدر. بعد أيام ثلاثة، أسرّتْ "عروب" إلى واردة النبع - رفيقتها - بأن تخبره عن عزمها للرحيل إلى قبيلة أخوالها، وتجرع مع كلماتها مرارة القهر، وبابتسامةٍ خجلى ودعها .. حدثته نفسه:" سيأتي الفرج ". لم يكن يعلم بأن تحالفه وأخوالها سينقض، وبأنهم سيعودون بـ "عروب " إلى مضاربها قبل اكتمال البدر. بيد أن رؤيا أتته في المنام، والعاشق يصدق رؤياه، أخبرته بأن يوجه عنان ناقته إلى مضارب أهلها. الحيرة تنهش عقله، يبحث عن مقصدِ هذا الراقد أمام عينيه، ويؤرقه ذاك الهاتف في المنام. ثم إنه قرر أن يتبع إحساسه، وتجاهل كلمات واردة النبع، هي أقرب الصديقات، وهو عاشقٌ ثملْ. أمسك في صعوبةٍ القلمَ، وفي الشوط العاشر طمس " قبيلة أخوالها "، وخط " قبيلتها " وأتبعها بنقطة. ( وانطلق راكان موجهاً عنان ناقته إلى قبيلتها ). ثم أكمل .. لم يغمض له جفن، ولم يشفق على ناقته، والشمس والقمر يتعاقبان، حتى كاد البدر يكتمل. وعلى مشارفِ مضارب أهلها، ظهيرة البدرِ، لمع ثغرها على سيفه، فجرّده في وجه خالها، ثم .. توقف فجأةً عن الكتابة، وسقط من يده القلم. استفاق هذا الراقد في تململٍ، وفرك عينيه، وطقطق رقبته، ثم نظر إلى أوراقه في حيرةٍ من كلماتها الأخيرة، وحكّ رأسه بالقلم. ارتسمت على وجهه ابتسامة الحيرة، والظفر، حين شرع يكتب هذه الكلمات .. ( فعاجله خالها بطعنةٍ نجلاء ، وصرخة باسمها ظلّت مدوية حتى مطلع الفجر) وذيلها بـ ( تمت بحمد الله ). رتب أوراقه في عجل، وانطلق إلى الجريدة، يحمل في نشوةٍ قصته، وبعض قطرات حبره استقرت على المكتب. ع.ب للمزيد من مواضيعي
المصدر: منتديات مدائن البوح
فلســــــــــــ ( الأردن ) ـــــــــــــــــــــطين
|
05-20-2024, 12:30 PM | #3 |
|
رد: تَمرُدْ
|
فلســــــــــــ ( الأردن ) ـــــــــــــــــــــطين
|
05-20-2024, 03:02 PM | #4 | |
|
رد: تَمرُدْ
اقتباس:
https://www.boohalharf.com/vb/showthread.php?t=14384 |
|
|
05-20-2024, 05:49 PM | #5 | |
|
رد: تَمرُدْ
اقتباس:
أ. الياسمين ممتنٌ جداً لتخصيصك الوقت في تحليل قصة تمرد .. وأنا على يقين بأني سأتوحد مع هذا التحليل . كل التحية * همسة .. كان جوابها في تقييم أرسلته لكِ .. قبل تبخرها |
|
فلســــــــــــ ( الأردن ) ـــــــــــــــــــــطين
|
05-19-2024, 03:43 PM | #6 |
|
رد: تَمرُدْ
اهلاً بك .. اخي الكريم
قصة جميلة باسلوب رائع.. للختم والتنبيه والمكافأة نورت المدائن.. الود والتقدير ../ |
.
|
05-20-2024, 12:31 PM | #7 |
|
رد: تَمرُدْ
|
فلســــــــــــ ( الأردن ) ـــــــــــــــــــــطين
|
05-19-2024, 06:32 PM | #8 |
مبتدئ . |
رد: تَمرُدْ
أهلًا بأخي وصديقي العزيز توأم الحرف الذي لا يضارع الناقد الأديب الأريب المهندس : أنتَ أحد من تثري الذائقة والعقل القراءة لهم ، وإني أشهدُ أنكَ ممن يشار إليهم بالبنان في ميدان القلم وأدبك وبيانك يشهدان لكَ وكفى بهما !
|
آيات الشكر والعرفان ، المضمخة بالمسك والريحان ، الموشاة باللؤلؤ والزبرجد والعقيان للمصممة المتفردة ودق الحروف على هذا التصميم الذي لا يُسامى !
|
05-20-2024, 12:33 PM | #9 | |
|
رد: تَمرُدْ
اقتباس:
أ. عبد العزيز ممتنٌ لتصاريف الحياة إذ جمعتني بك والرفاق هنا .. وما أنا إلا قاص ومجتهد، ونتعلم منكِ ومن الرفاق وفوق كل ذي علمِ عليم شكراً على ثقتك وأدبك وكلماتك الطيبة أخي لا حرمك الله البهاء كل التحية |
|
فلســــــــــــ ( الأردن ) ـــــــــــــــــــــطين
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|