أنت غير مسجل في منتديات مدائن البوح . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
. .

... .. ..


آخر 10 مشاركات ‏- رسائل من حرير.!       بمناسبة الذكرى الخامسة مدائن البوح تحتفي بروّاد القبس       دبلة العروس       سجل تواجدك بجمال الاستغفار       سجل تواجدك في مدائن البوح بالصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم       دفتر الحضور اليومي للأعضاء       ياعيني على الازرق       ازياء انيقة وراقيه       إن الله على كل شيء قدير       التهادي      
روابط تهمك القرآن الكريم الصوتيات الفلاشات الألعاب الفوتوشوب اليوتيوب الزخرفة قروب الطقس مــركز التحميل لا باب يحجبنا عنك تنسيق البيانات
العودة   منتديات مدائن البوح > المدائن الأدبية > بوح الأرواح

بوح الأرواح

( بوحٌ تتسيّدُه أقلامكم الخاصّة في عزلة مقدّسة بعيدا عن الردود

( يمنع المنقول )



على رائحة القهوة.

( بوحٌ تتسيّدُه أقلامكم الخاصّة في عزلة مقدّسة بعيدا عن الردود

( يمنع المنقول )


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 09-22-2024, 10:52 AM
أنيموس غير متواجد حالياً
Awards Showcase
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1121
 تاريخ التسجيل : Sep 2024
 فترة الأقامة : 43 يوم
 أخر زيارة : اليوم (01:50 AM)
 المشاركات : 11,472 [ + ]
 التقييم : 11680
 معدل التقييم : أنيموس has a reputation beyond repute أنيموس has a reputation beyond repute أنيموس has a reputation beyond repute أنيموس has a reputation beyond repute أنيموس has a reputation beyond repute أنيموس has a reputation beyond repute أنيموس has a reputation beyond repute أنيموس has a reputation beyond repute أنيموس has a reputation beyond repute أنيموس has a reputation beyond repute أنيموس has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]


افتراضي على رائحة القهوة.





لا أعرف كيف اقنعها باني رجل أحمق، ولا أفهم ، لماذا هي مهتمة بأن لا أكون كذلك ؟!
يقولون :" السيدات دائمًا يخبرنك الحقيقة عن نفسك "، فربما ما أحاول أن أقنعها به هو في حقيقة الأمر مجرد نوع من الابتزاز في الحصول على شيء داخل نفسي، أو قد يكون حيلة مسبقة.
كان بيتر، هكذا أخبرتها لجذب كل انتباهها
صدقا لا أعرف لماذا جاء ببالي اسم بيتر ولا أعرف لماذا بدأت بحكاية، أظن هناك ما هو أهم من حكاية بيتر
قالت ما المهم ؟
قلت مزاجي ، الذي يعشق الخربشة على الصفحات، ذلك المزاج الذي يريد من القارئ أن ينتهي وهو يسأل نفسه ماذا يريد أن يقول هذا الأحمق.
قالت لكنك لست بأحمق، وستكون كل تصرفاتك معي " كرجل نبيل" ولا أقبل بغير هذا.

قلت كتبت فيك نثرا، ظهرت بملامح ضاحكة، قلت ماذا؟ قالت الطريق هذا أنت لا تجيد المشي فيه، قلت سأجرب، قالت هات لنسمع ..
قلت :
" متصوف أنا في أحزاني
وأنا موجوع فيك يا صديقتي موجوع
لقد مللت منك عبثًا بالطبشور على الأرصفة وحواف الجدران
يبدو ..
أنك تهرولين زورًا
خلف وهمٍ، تتخذين منه مطية
لكنه ..
يطرحك أرضًا، ويُدميك همًا."
قالت لماذا لم تقل حبيبتي يا لص الطباشير ؟
قلت الوجع من الصديقة أقل بؤسًا من ذلك الذي يأتي من حبيبة.
قالت لنعد لحكاية بيتر،هل صحيح اسمه بيتر ؟
قلت لا ،اسمه اسماعيل، لكن سرد حكاية بهكذا اسم طويل الأمر ممل بالنسبة لي.

الجانب المظلم ،لقد شردت بذهني مع تلك السيدة التي تحتضن حقيبتها، وهي تشبه كمن حصلت على رسالة مكتوبة من حبيب غاب عنها مدة طويلة، لذلك لا يمكننا العودة لقصة بيتر.

سمعت رجل يتذمر من الفقر، إلى هنا والأمر أشبه ما يكون بالطبيعي، لكن ما حيرني هو استطراده في ذلك التذمر، بقوله (فقر ولا زوجة جميلة)، حينها فهمت القصد من بعض المقولات الداوجة

كان حديث العابرين ،نحو الضفة الأخرى من العالم ،هكذا يكونون في مكان واحد مجتمعين ثم يغادرون ،بعضهم يحمل ذاكرة لتلك الأحاديث وبعضهم يتركها خلفه ما إن يسمع نداء طائرته، حتى أن بعضهم يترك وجبة الطعام الذي للتو قدمت له، وكأنه يغادر مسرح جريمة على عجل.

أنا وهي لا نتشابه في شيء غير القهوة التي أصرت أن أكون ضيفها، ليست فاتنة في ملامحها، لكنها متمكنة في أن تجعلك منتبه لحديثها، حتي وإن كان بالنميمة.
كانت البدايات حينما قالت ، كن في طمأنينة، ستقلع طائرتك في موعدها، لا أعرف كيف أدركت الحالة التي أنا فيها، هل للخوف رائحة، وهل للقلق تأثير على حركة أجسادنا ؟
قلت لها : (الطمأنينة فخ لرجل امتطى القلق منذ زمن بعيد).

لا أعرف لما كنت على يقين أنها طبيبة نفسية أو شيء من هذا القبيل، وأنا مجرد حالة تعثرت بها وتريد أن تختبرها.
أصعب ما يكون على النفس أن تكون واضح ومكشوف للشخص الآخر، لذلك كنت أحاول أن افقدها تسلسلها في فهم حالتي، بالابتسام قليلا مع كل رشفة من القهوة، حتى أنها سألت : هل هي لذيذة ؟ قلت لا، ولكنها مجانية.

الحقيقية أنها واقعة معي في أمرين ، الأول أن دور البراءة في الرجل أكثر اقناعًا عندي من المرأة، فهي -المرأة بشكل عام- تقع تحت ضغط ( الكيد ) والأمر الآخر أني اتبنى فكرة " اخماد وهم لشخص ما، قد تكون له عواقب وخيمة ".
لذلك سأرفع عنها البراءة واترك لها ( الوهم ).

قلت: أنا في حيرة مع أولئك الذين يبحثون عن الحقيقة، فالحقائق أمر ممل إذا تعارضت مع الاستمرار في المتعة.
سارت بي نحو منعطف حاد وخطير وحصلت على ما تريد بظني، حين سألت هل هناك امرأة ؟
قلت : ( نعم ).

للمزيد من مواضيعي

 

الموضوع الأصلي : على رائحة القهوة.     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : أنيموس






رد مع اقتباس
قديم 09-22-2024, 11:07 AM   #2


الصورة الرمزية أنيموس
أنيموس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1121
 تاريخ التسجيل :  Sep 2024
 أخر زيارة : اليوم (01:50 AM)
 المشاركات : 11,472 [ + ]
 التقييم :  11680
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: على رائحة القهوة.



،
مذاق تافه.

"لا يمكنك أن تحمل مأساتك في حقيبة وترحل بها حيث تكون"

لكنها لم تفهم ما قال، لذلك أمرت عمال التحميل بوضع كل الحقائب في مقصورتها في القطار المتجه من سان بطرسبرغ نحو باريس.

كانت أربعينية من طبقة ارستقراطية، لكن ملامحها تدل أنها مليئة بالخيبات، بعكس سيدات القصور، التي نادرًا ما تظهر عليهن أي ملامح حقيقية تعكس الوضع الذي هنّ فيه، هنّ يعشن حسب رغبات القصر، لذلك دائمًا حياتهن لا تمثل حقيقة ما يمكن أن يكون واقعًا.

بقيت كلماته عالقة في ذهنها، بعكس أنها فقدت ملامح الشخص الذي حدثها على عجل وهو يصعد القطار، حاولت أن تستجمع القطع الصغيرة من تفاصيل وجهه وقامته في ذاكرتها لعلها تصل للرجل الذي حدثها بذلك، عجزت ولكنها لم تفقد الأمل أن تقابله أثناء تجولها في صالات الطعم، وكان لها ما تريد في أول جولة للطعام، أكثر ما كان يشغل تفكيرها، سؤال يتكرر بداخلها، ما الذي يعرفه أو كيف عرف؟

ربما يكون ذلك الفضول الذي يقتلنا، أو الخوف من أن نكون مكشوفين بشكل لافت ، بدأت تعيش لحظات الحيرة، وهي من قرر أن تترك كل شيء خلفها، نعم في أحيان كثيرة من الأفضل أن نترك الأماكن التي تذكرنا بشيء، أي شيء حتى ولو كان جميلًا وفقدناه.

انتظرت على طاولتها ولم تطلب الطعام، بقيت عالقة في النظر لذلك الغريب وهو قد بدأ يتناول طعامه، وذلك تأكيدًا لها أن أحد لن يحضر، ودليل على أنه ليس له رفقة، عندها تحركت نحو طاولته وسحبت الكرسي وبدون أن تحصل على إي موافقة اقتحمت عالمه الذي يعيشه في تلك اللحظات، كان يأكل بتلذذ وكأن الغد ليس له وجود في عالمه، الغد أو يمكن أن نسميه المجهول، ذلك الذي يخيفنا على مدار دقائق يومنا.

لم تشغل بالها به، بل نادت النادل وطلبت منه قائمة الطعام، تأملتها بروية وطلبت نفس الأصناف التي يأكلها، وفي اعتقادها أنها ربما تحصل على تلك المتعة التي كانت ظاهرة بوضوح عليه وهو يتمتع بأكلها، وفي ذات الوقت هو لم يبادلها أي انتباه. حاولت أن تختبر صبرها في هذه الجو الصامت إلا من أصوات الملاعق والسكاكين، لكنها فشلت.

القلق حالة قد تتطور وتصبح ألم حقيقي لها أثر على أجسادنا، وحينما أدرك هو ذلك وأن حركة جسدها أصبحت غير متزنة وهي تتناول طعامها، مد يده نحو طرف الصحن الذي أمامها وكأنه يحاول أن يخبرها أن صوت ارتطام الشوكة والسكين مرتفع إلى حد أكبر من اللازم، ثم بادرها بقوله" لا أحد يسافر بهذا الكم من الحقائب نحو مدينة لو خرجت بضعف هذه الحقائب هو أمر مقبول".
دخلت في حالة استرخاء تام وتوقفت عن الطعام، كأن ما أخبرها به، قد ملأ جوفها.

أحيانًا .. نقف على أطراف الحواف، ننتظر ما يدفعنا نحو السقوط ولو كانت نسمات خفيفة، وعادة السقوط يكون نحو الهاوية، فلا شيء يمكن أن يأتي منها ويدفعنا لنسقط نحو أماكن السلامة، هكذا يكون قانون الحواف، لذلك نكون دائمًا مستعدين للسقوط من أدنى سبب، لذلك الأمل في عدم وجود الأسباب يكون ضعيف جدًا.

وبعفوية تامة وبدون أن ترفع رأسها من على الطبق الذي أمامها قالت" أصبحت امرأة، لا أحد يدعوها ، هناك شعور قاتل، هو كـ مذاق تافه .. هل يمكنك تخيل أن تكون جسد بمذاق تافه ؟


 

رد مع اقتباس
قديم 09-22-2024, 11:32 AM   #3


الصورة الرمزية أنيموس
أنيموس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1121
 تاريخ التسجيل :  Sep 2024
 أخر زيارة : اليوم (01:50 AM)
 المشاركات : 11,472 [ + ]
 التقييم :  11680
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: على رائحة القهوة.



،
موعد الشاي

أصبح نومي يشبه جلسة شاي انجليزية، أو كما يسمونه (موعد الشاي).
ما أقصده هنا المدة الزمنية، متقطعة، على فترتين أو ثلاث ليكتمل النصاب، ما فوق الست ساعات.
من فترة طويلة لا أتذكر أني حصلت عليها متواصلة.

في رواية (موعد في بغداد) لأجاثا كريستي، تقول في أحد المواضع :" كان يتحدث أحد الانجليز عن موعد المؤتمر بسرية، غير أن الآخر أخبره أن العامة منذ ثلاثة أيام، يتحدثون في المقاهي وغيرها، عن هذا اللقاء، فرد متذمرًا، يبدو أن هولاء الشرقيين، يعتبرون الأسرار، حق عام، فرد عليه صديقة، هذا يحدث في كل العالم، فصبي الحلاق، في لندن أيام الحرب، كان يعرف ما لا تعرفه القيادة العامة"

لا شيء مهم في القصة استوقفني غير (صبي الحلاق) لا أتذكر يوما في حياتي أني رأيت للحلاق صبي، فالحلاق عادة يكون منفردًا، قلت ربما يقصد إبنه، حتى كان البارحة، حين ذهبت أحلق، كان الذي أعرفه، أقصد من يحلق لي دائمًا، يشير إلى شخص أول مرة اشاهده فوافقت.
استلم رأسي وبدأ بإتقان، لكن البدايات قد تكون خادعة، كحالنا في العلاقات، قد تكون بدايتها جيدة، لكن ما تلبث أن تتغير سريعًا، طبعًا لا أقصد كلها.
تركته يعبث بمزاجه، وكأن الأمر معي أصبح قدرًا رضيت به، حتى انتهى، ابتسمت له، وقلت أنت جديد، عرف أني كشفته كمتدرب سوف يستلم المحل عن صديقه.
قلت بمزاج جيد، كردتلي يا ابن الذين، لم يفهم ما قلت وخرجت.
الجانب الجيد، عرفت من يكون صبي الحلاق.

حينما تتحدث بقصص يومك، هذا يعني أنك لا تملك سوي السخافات، وهذا يعني أنك تريد أن تتحدث فقط، وليست كل الأحاديث يمكن أن تكون متاحة للجميع، لا أعرف مالذي يجعلنا نرغب أن نكون مكشوفين إلى هذا الحد؟!
ربما الملل أو ربما هو تسويق فكرة بين الأسطر، أو ممارسة الكتابة حتى لا نفقد حساسيتنا معها، إذا تجنبناها فترة طويلة، قد نحتاج زمنًا من أجل إعادة التأهيل لها.

ففي مفكرتي كثير من البدايات المتعثرة، لا أعلم سببًا لهذا التعثر، أشعر أني مشتت ذهنيًا.
منها، كنت قد كتبت (فوضى جنائزية)، راق لي عنوان كهذا، ورتبت بعض الأفكار حوله ثم وجدت أن كل شيء تبخر ولا أملك من الأمر غير عنوان حائر معي، وأنا حائر مع نفسي، التي تبحث عن شيء مدهش، شيء مختلف، شيء ليس فيه فكرة التكرار أو الروتين.
الأيام تتشابه، والأكثر ألمًا حينما تصل بك النهايات، أنك كنت مجرد إثم وخطيئة في حياة أحدهم.
هنا تُصبح محاط بدائرة لا يمكن الخروج منها، أحيانًا لا نملك المغفرة، ولا نستطيع أن نتجاوز، خاصة وإن كنت تخرج عاطفتك من داخل جوفك.

10 يوليو 2023



 

رد مع اقتباس
قديم 09-22-2024, 11:56 AM   #4


الصورة الرمزية أنيموس
أنيموس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1121
 تاريخ التسجيل :  Sep 2024
 أخر زيارة : اليوم (01:50 AM)
 المشاركات : 11,472 [ + ]
 التقييم :  11680
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: على رائحة القهوة.



،
حديث يناير.

استحضرتني في لقاء لم أكن مهتمًا به، لقد كان في (مطلع) أخبرتها أن ليس لدي ما يمكن أن نتحدث به، أنا مجرد رجل يكتب القصة، إن أتته بنات السماء، كتب في العشق والحب والأزهار، وإن كانت من جنيات الأرض، كتبت في عبث الأجساد المسكونة.

وهي تراقبني، وضعت أمامي على طاولتنا الدائرية التي تفصل بيننا، ثلاثة أنصاف من قوالب السكر، قلت لها، أتذكر في زمان، كان هناك لغز حول تحريك السكر، باتجاه عقارب الساعة وعكسها والتحريك أمام وخلف، الناقص الحل، لأن من كان يسرده علينا في جلسة على أحد الأرصفة، قال (حكومة) وهرب.

وكانت قد اقنعتني فتاة عمانية بالخروج مع والدها في أربعين يومًا إلى موسكو، وكنت قد شاهدت هناك الناس في خلاف حول تحريك الملعقة، مع عقارب الساعة وعكسها وقليل بطريقة أمام وخلف.
قلت، هل لديك تفسير مقنع لهذا الإختلاف؟
قالت : لا.

قلت أجل، لا بد أن تشاهدي الأمر على طبيعته، أخذت نصف قالب من السكر، وهي تراقب بحرص، والقيت به في كوب الشاي، وحركته مع عقارب الساعة، ثم الثاني وحركته على العكس، والثالث بآخر طريقة وهي الأمام والخلف، ثم نظرت لها، بشيء من التركيز في عيونها، الحقيقة كانت بلا دهشة، بقدر ما كانت حائرة أو تلك التي تشبه، حين نقول (نظر إليه شزرًا).
كان النادل قد وقف يراقب الوضع، عند النصف قالب الثالث، لم أكن أنا أو هي مهتمًا بوجوده، لكنه تطفل حين انتهيت وهمس لها بحديث لم أفهم، سألتها بماذا همس لك؟
قالت: أن كل ما تفعله مجرد إيحاء.
سألت : ولماذا؟
قالت : ربما لديك أفكار للهفة سريعة.
ومرة أخرى سألت : ولماذا أفعل ذلك؟
قالت : من أجل متعة عابرة.

قلت : أنا رجل بلا مزاج، بلا شغف، غارق في الملل. أجدف في بحور الكلمة بلا إتقان، أشبه رجل عاش في السجن الانفرادي سنوات عديدة، حتى فقد مدركاته الطبيعية في الأبعاد وفي الأصوات وفي كل ما هو طبيعي في طبائع البشر.
عاد النادل وأنا أتذمر، قلت تعال يا لعين وانظر لهذه السيدة وأخبرني ما هي صنعة الله فيها؟
قال: كل شيء فيها، يدل على صنعة الله، عيونها وشفاه، وخد وعنق، وقوام متناسق.
قلت : ألا تعتقد أن جمالها، يفوق الرغبة؟
قال: ما فهمت.
قلت : قدراتنا في سماع الذبذبات/الأصوات ما بين 200‪00 - 20 هيرتز.
فما دون وما أعلى لا نسمعه، وهكذا هي الرغبة تقع ما بين ذلك، وهذه السيدة في خانة ما هو أعلى.

كان النادل يكذب في كل شيء، وأنا أيضًا كنت أكذب، لكنها امرأة، والقانون يقول تحدث أمام أي امرأة، بالحديث الذي تُحب أن تسمعه، ولا تمنحها رأيًا يخالف ما تريد أن تسمعه.

اتذكر صديقة، كانت تقول "أجد أننا في الرأي والفكر متفقين لحد التطابق، وهذا يصيبني بالملل".
هي لا تُدرك أني كسفينة بشراع يُساير الريح.
وحين بادرت سيدة المقهى في حديثها، قالت : بعثت الفوضى في المكان، أنصاف قوالب السكر والملاعق والتحريك، والنادل
هل تستطيع أن توقف هذه الفوضى وخبرني عن أكثر الأشياء دهشة لك في هذه الحياة؟
قلت : قِدر الضغط، لم يكن الأمر صعبًا أو يحتاج تفكير، نعم هو (قِدر الضغط).

لم أدرك، أن هناك من يتلصص سماعًا على حديثنا، كانت مساحة المطعم صغيرة والطاولات متقاربة إلى حد ما.
ولم أدرك أن جميع الرجال في المطعم، طلبوا الشاي وانصاف القوالب من السكر، حتى أني لم أسمع أصوات الملاعق مع الفناجين، حقيقة لم أدرك أي شيء حينها يحدث حولي، إلا بعد أن كان جوابي (قدر الضغط)، حينها سمعت تصفيق من خمس أو أكثر من سيدات كُنّ في المطعم، وقفن يصفقن بحماس، وقفت وانحنيت لهن احترامًا، سألت بعجل، معلمات؟ قلن نعم وهن يضحكن.
قاطع متعتي رجل، زوجته مازالت واقفة تصفق، وقال يا تافه يدهشك (قدر الضغط) ونظراته كلها شزرًا.
قلت له: بأي طريقة حركت أنصاف القوالب؟
قال : بطريقة واحدة، عكس عقارب الساعة.


 

رد مع اقتباس
قديم 09-23-2024, 01:19 PM   #5


الصورة الرمزية أنيموس
أنيموس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1121
 تاريخ التسجيل :  Sep 2024
 أخر زيارة : اليوم (01:50 AM)
 المشاركات : 11,472 [ + ]
 التقييم :  11680
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: على رائحة القهوة.




؛

المشهد الأول


التأني في المشي أو التثاقل لا يعني الرغبة في عدم الوصول، كل ما في الأمر أني استحضر فكرة اخبرك بها، وأنا في المترو، كنت اسمع حوار بين زوجين أو عاشقين، ملامحهم تدل على ذلك، اعتقد أن العشق هو السر الذي لا تستطيع عيوننا الاحتفاظ به، المرأة التي كانت أمامي في المعقد الذي تفصله ثلاث مقاعد أخرى، ايضًا كانت تراقبهم، العربة التي نحن فيها لم نكن كثير، الغالب انهم مشغولين بأمور أخرى، إلا أنا والمرأة التي أمامي ويفصلنا عاشقين، اختاروا الوقوف برغم كثرة الكراسي الفارغة، لا أعرف لمّا فعلوا ذلك،
- هل تعرفين أنتِ لما فعلوا ذلك؟
- لا اعرف ولكن حين أتيت وجدتني أنتظرك على مقعد حول طاولة، حتى أني لم أطلب أي شيء أتناوله، أنت لا تعرف لماذا قمت بكل ذلك ولا أنا أعرف، إننا نتصرف هكذا بتلقائية تفرضها النفس، كـ أمر بدهي، أو طبيعي أو لا شعوري،
- ربما التفسير يا عزيزتي أنهم لا ينتظرون شيئًا، بينما انا والمرأة التي كانت أمامي في الميترو وأنتِ ننتظر، الجلوس حالة تجتاحها كل المشاعر، حتى أننا حين ننكسر لا نكون واقفين.
- قالت تخيل أني انتظرتك واقفة، ما الذي ستعتقد ؟
- سأعتقد أني باص، في بلد من أوروبا الشرقية أو افريقيا.


 

رد مع اقتباس
قديم 09-23-2024, 01:28 PM   #6


الصورة الرمزية أنيموس
أنيموس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1121
 تاريخ التسجيل :  Sep 2024
 أخر زيارة : اليوم (01:50 AM)
 المشاركات : 11,472 [ + ]
 التقييم :  11680
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: على رائحة القهوة.



المشهد الثاني



قالت لكنك لم تتحدث عن المرأة التي تقابلك وتراقب معك، وليس من عادتك أن تتجاهل تفصيل مهم كهذا طالما أنك قد لمحت وجوده.

- لأنها هي الحدث الرئيسي في الحكاية، كما هي عاداتنا مع الطبق الرئيسي، يأتون به متأخرًا، أو كـ الفنان المهم، يغني في الجزء الأخير من السهرة، حتى في حلبات الملاكمة، النزال الذي وضع الناس رهاناتهم عليه، يأتي قبله عدد نزالات للتسلية وتهيئة الحضور.

توقف الميترو في عدة محطات، وبقيت أنا وهي عالقين ننتظر آخر محطة، نرغب في حديث ولكننا لا نملك البداية، قررت أن أخرج من سرطانيتي - تعرفين الرجل السرطاني لا يملك روح المبادرة- لذلك حاولت أن أتخلص منها وأجعل فضولي يتغلب على الوضع، وصلت للمقعد الذي امامها وجلست، ثم قلت لها، أنا وأنتِ كنّا نشترك في مراقبتهم، إلا أنكِ كنت ترسمين، كالذي يحصل في المحاكمات المشهورة.

كان جوابها لطيفًا، اعترفت أن مهنتها غلبتها في تجاوز خصوصيات الآخرين، أخبرتها أني لستُ مهتمًا بخصوصية أحد ولو تسنت لي الفرصة لاقتحامها بدون عواقب لفعلت، كل هذ حتى أحصل على مشاهدة ما رسمت، ترددت قليلًا، ثم ناولتني تلك الصفحة، تأملت قليلًا فيها، قلت ليس هم، هل هناك صفحات أخرى؟
اخبرتني أنها الصفحة الوحيدة التي لديها، وأخبرتني أني موجود في الصفحة، وكنت بالفعل موجود في الزاوية البعيدة، وهناك رجل اسمر يقف عند البوابة ، وكذلك الفتاة الصينية.

- انتظر، دعنا نجدد القهوة ثم احكي لماذا كنت تقول لها أنهم ليس هم ؟



 

رد مع اقتباس
قديم 09-23-2024, 01:32 PM   #7


الصورة الرمزية أنيموس
أنيموس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1121
 تاريخ التسجيل :  Sep 2024
 أخر زيارة : اليوم (01:50 AM)
 المشاركات : 11,472 [ + ]
 التقييم :  11680
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: على رائحة القهوة.



المشهد الثالث
كانت صورة اثنين مهرجين، امرأة تلبس ثياب رجل وحذاء بكعب عال، ورجل يلبس لبس امرأة، حافي القدمين، شعر ساقيه كثيف، لم يكن المنظر الذي كنت اشاهده، كانت فتاة تلبس فتسنانًا اسود عار من الظهر، قصير إلى حدود ما فوق ركبتها، ورجل يرتدي بولو وجنز، هذا الذي كنت اشاهده.
لا أظن أني اتوهم ولا أظن أن الأمر وصل معي لتلك النهايات التي يرى الإنسان فيها الاشياء بطريقة تتوافق مع مشاهد سابقة ذات أثر على نفسه، أو يضع كل الأجسام التي أمامه في تراكيب ذهنية محددة لا يمكن تجاوزها للواقع الحقيقي للأشياء.

شعرت باستياء، هل أنا حبيس ذهني؟ أمر محير
هل كنت الوحيد في الميترو الذي يرى ذلك المشهد الرومانسي، بينما الكل يشاهد مهرجين أحمق ين تبادلوا الملابس من أجل فقرة في سيرك سخيف؟

كان دليل المرأة الوحيد، لأننا بقينا وحيدين لا يمكن أن تحضر شاهد على كلامها، أن السيرك في هذه المنطقة على بعد محطتين سابقتين، هذا الدليل الوحيد الذي تملكه، في ذات الوقت أنا لا أملك أي شيء، كل الدلائل تٌشير أنها صادقة، أنا موجود في لوحتها، حقيبة جهازي، الفتاة الصينة والرجل الأسمر ، قد جعلتنا في حقيقة واحدة بالنسبة لها، وأنا في حالة إنكار للعرض الرئيسي في اللوحة، مع اقراري بوجود بقية الاشياء.

استطيع أن أميّز الاشياء التي حولي، فوق طاولتنا كوبين قهوة، وصحن مكسرات، حولنا طاولة فيها رجل وامرأة وطفلين، وقبل دقائق مرت بجوارنا امرأة تدفع عربية فيها طفلها الصغير، يبدو أنه جائع، يبكي بشدة وهي غير مبالية، لماذا لا تسكته؟
وهناك في الركن فتاتين، يبدو أن واحدة منهن غاضبه، ، والرجل الذي يبيع في الكشك، كل المشاهد أخبرتك عنها بشكل دقيق وواضح، لا شيء مُقلق بالنسبة لي أنا في حالة ذهنية صافيه
- هل رأيتِ، لست أتوهم ؟
- نعم صحيح، لكن شيء واحد، لم تمر بجوارنا امرأة مع طفلها في عربة، كان ذلك عامل النظافة يدفع عربة تنظيف الارضيات.




 

رد مع اقتباس
قديم 09-24-2024, 10:32 AM   #8


الصورة الرمزية أنيموس
أنيموس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1121
 تاريخ التسجيل :  Sep 2024
 أخر زيارة : اليوم (01:50 AM)
 المشاركات : 11,472 [ + ]
 التقييم :  11680
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: على رائحة القهوة.



،،
أغبى فكرة نمارسها، هي تلك التي نبحث فيها عن النوم، نذهب على اسرتنا ونغمض عيوننا ولا ننام، بل نفكر، أو نحاسب أنفسنا، أو نحضر بعض الكلام لحدث متوقع قادم كلقاء عمل أو موعد، أو أي شيء آخر سوف نقوم به وقد وضعناه في قمة أولوياتنا.
نذهب للنوم، ربما بسبب الوقت، أو ذلك يشبه الخلوة في ظلام نرغب بها، كنوع من الحيلة، التي من الصعب ممارستها بشكلها الطبيعي، فلو أخبرت أي شخص مهما كان قربه أو بعده عنك، أنك تأخذ خلوة في الظلام، لا تعرف كم من الوقت، قد تستمر، تجلس في مكانك وتغمض عيناك، ربما يتهمك بشيء، أو يسألك لماذا تفعل هذا؟
لكننا نسهل هذا الهروب بحيلة اننا سنذهب للنوم، مهما كان الوقت، الناس ستتفهم رغبتك في فعل هذه الخلوة لأنهم يتشاركون معك في نفس هذه الحيلة، أما الفعل الآخر كالجلوس في الظلمة واغماض العيون، هو في نظرهم شيء من الغباء أو بداية جنون.


 

رد مع اقتباس
قديم 09-24-2024, 11:42 AM   #9


الصورة الرمزية أنيموس
أنيموس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1121
 تاريخ التسجيل :  Sep 2024
 أخر زيارة : اليوم (01:50 AM)
 المشاركات : 11,472 [ + ]
 التقييم :  11680
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: على رائحة القهوة.



،

الملل بين المنحنيات والزوايا. لا أعرف، كيف ستنتهي الحروف هنا، لكنها بداية فكرة، ربما لا ينتج عنها أي شيء، غير مزيد من الثرثرة، تلك الثرثرة التي نقع بها وسط أزمة، أحيانا نحن نخلق أزماتنا، بحديث خارج عن المألوف عنّا.
المألوف عنّا، كان تركيب أتى فجأة أثناء حديث، لكنه يستحق التأمل، فهو جدير بالحديث عنه بتفصل أكثر، أسهل الطرق وصولا، ذلك الذي يبدأ بطرح الأسئلة، مثل، ما هو المألوف عني، وعنك وعنها وعنه وعن الذين وعيال الذين؟

يمكنك أن تجد الاجوبة، إذا سألت نفسك بهذه الطريقة،،
ما هو المألوف بين الأهل والأصدقاء وخرجت عنه؟ لدرجة أن صديقك أو زوجتك او اي كائن يعرفك، يسألك بشيء من الحيرة، من متى وانت كذا؟ أو غريبة لم اعهدك بهذه السذاجة؟ وربما أنت مش أنت، وأنت جيعان.

السؤال المهم،، هل من المفروض ان تبرر لهم، أو أنك تكتفي بحالة من التعجب، أنا صرت كِذا؟!

ستدرك في مرحلة ما من عمرك، أن الأشياء - بعضها اقصد - لا تستحق، وأن رضا الآخرين، أصبح في مرتبة متدنية من أولوياتك، هذا يقودنا نحو،، هل أنا من تغيّرت مفاهيمه، أم هم؟


 

رد مع اقتباس
قديم 09-30-2024, 08:13 PM   #10


الصورة الرمزية أنيموس
أنيموس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1121
 تاريخ التسجيل :  Sep 2024
 أخر زيارة : اليوم (01:50 AM)
 المشاركات : 11,472 [ + ]
 التقييم :  11680
لوني المفضل : Cadetblue


افتراضي رد: على رائحة القهوة.



،
الزاوية (مجموعة ق. ق)

ميسون.

" ميسون سوف تجلب لنا العار"
يقولها جدي لرفاقه ثم يقهقهون بصوت عال، وقتها كنت أعرف أن العار لابد أن يُطهره الموت ، وكنت أخشى عليها منه .

ميسون هي العنزة الوحيدة التي شعرها أسود من بين العنزات ، مميزة هي بذلك ، فلا تعرف هل ذلك أمر جيد أم يجلب لها ولنا النحاسة ؟.
هكذا يقول جدي حينما تسير الأمور بشكل غير جيد ، وكنت أحسب أنه ينتظرها، كي تمتلئ بطنها ، فيجد حجة لذبحها ، ربما هي الطريقة الوحيدة للتخلص منها ، غير أن ميسون كانت عفيفة طاهرة في نظري ، ولم تجلب للأسرة العار الذي كان يتحدث عنه جدي .

في كل صباح أهمس لها قبل أن تنطلق للمرعى ، بمثلك ترتفع الرأس يا عزيزتي ، لكن جدي وكأنه بدأ يتذمر من شرف هذه الميسون ، ولا أعلم لماذا وقتها ؟ ، فاضطر أن يرسلها لتمارس البغاء في حظيرة لجارنا .

في ذلك اليوم لم أخرج من المنزل للعب مع الأولاد ، خوفا من أن يغمزني أحد أبناء الجيران بـ ميسون ، وأنها في الحظيرة مع فحلهم ، بقيت مبتعداً ، أنتظر أن يغسل جدي ذلك العار من يديه بيديه ، وقتها استطيع أن أعود للاختلاط بـ أبناء القرية .

وفي الصباح ، تقريبا اليوم الثالث من ذهاب ميسون ، أقبل أحد أبناء جارنا يقتادها ، وفي انتظارها جدي وأنا أرتقب مصرعها ، غير أن جدي حملها بين ذراعيه وقبّلها ، أخذ يربت عليها برفق ويضاحكها ، حتى أنجبت لنا تيساً أبيضاً إلا من بقعة سوداء ، كُنت أحسبها أثر للخطيئة .
............
قطايف أمي.
يحتل الشتاء مساحة كبيرة من أيامي ، فلا أعرف من الصيف أو بقية الشهور الكثير ، أعيش بمفردي في غرفتي تحت الأضواء الخافتة والتكييف العالي ، حاولت أن ابتعد عن ضجيج المدينة وقسوتها بالاختباء في غرفتي ، أقصيتها عن بقية المنزل بمادة عازلة للصوت ، في كل صباح أبدا بمطاردة خيوط الضوء التي تستطيع أن تشاركني الغرفة ، بعد أن تحتال على الأماكن التي تنفذ منها .في وحدتي لا أحب أن يشاركني الوقت، حتى الأشياء الموجودة بجواري أمنعها من تبادل النظرات معي ، لا أترك لها فرصة البقاء مدة أطول، حتى لا تتكون بيننا روابط تفرضها المدة ، ومنها قد يتسلل الحنين إلى أعماقي وأبدأ من جديد أثق في الأشياء ومن ثم أجد نفسي داخل خيبات جديدة ، زائري الوحيد يأتي يوم الجمعة ، مع بدايات الصبح ، أفتح له النافذة ، يقف عليها يغرد بعض الوقت ، ثم يرحل بهدوء لأنه يعرف مزاجي الذي لا يثبت على حال .

أعيش السنة ولا أعرف شهورها ولا أيامها ، تتداخل الأشياء فيما بينها ثم تتباين عن بعضها مرة أخرى بشكل واضح ، قد نحتاج إلى المعرفة في بعض الأحيان ، وفي الكثير أن نبقى على جهلنا ربما يكون أفضل ،

يُطرق باب غرفتي ، أنتظر دقائق قبل اتخاذ أي قرار ، وبعد تأكد أن الأقدام التي سارت به ليس لها صوت،، أعرف أن هناك شيء خلفه، فأجد أمامه ذلك الصحن، مملوء بالقطايف ، وقتها أعرف أن هذا هو أول يوم في رمضان، وعندما يتوقف بعد أيام لا احسبها ، أدرك أنه انتهى ، هذه هو الشهر الوحيد الذي أعيشه، احتضن تلك القطايف على مدار شهر كاملا ، أشعر بحنان ورائحة أمي ، أكثر ما يقلقني ذلك الصوت الذي يأتي أحيانًا، ويقول " قد تجد نفسك في أحد السنين بلا رمضان " .. عندها سوف أرفع يدي نحو السماء أدعو لها بالرحمة .
2009
.............

بين سوادين.

والبعض مازال على دين هُبل.
هذا كان أول حديث لصديقي حينما أنهى مكالمته الطويلة مع خطيبته، حاولت أن أجعله يعيدها، لأني كنت في حالة حيرة، أني ربما سمعت خطأ، لكنها كما قالها أول مرة.
انتظرت تفسيرًا يحدثني به، لكنه لم يفعل، كان الفضول يقتلني، ماذا قالت له جمانة، لتتصدر هذه العبارة الحالة التي بقي هو فيها فترة زمنية معها؟
نحن نريد المعرفة ليس من أجل الحلول في بعض الأحيان، عفوًا.. بل كثير من الأحيان، تركته في حالة السكون التي هو فيها، وأنا على أمل أن يبادر بالحديث عن شيء، أي شيء استطيع من خلاله معرفة سبب قوله لهذه العبارة، لكنه قد نسج حوله خيوط الصمت.
أخرج دبلة الخطوبة ووضعها في كفه ممسكًا بها، طلبتها منه وجررته نحو طاولة وأجلسته، ووضعتها على الطاولة وسبابتي اليسرى عليها وقلت له سأضربها كما نفعل مع العملة المعدنية وستدور في مكانها، لكن ما هي احتمالية أن تبقى على النقطة التي تدور فيها بدون أن تسقط على أحد جنبيها ؟
قال لا أعلم لكنه احتمال ضعيف جدًا، لكنه قد يحدث، طالما هو احتمال يحمل نسبة، وأظنك تحاول أن تضعني تحت اختبار المستحيل، هل استمر معها أو لا، وأن خياري قد يكون قدرًا، يجب أن أؤمن به، فضولك سيقتلك يا صديقي وأنت تبحث عن معرفة لـ دين هبل، وما كنت أعنيه. جيد أن تحاول، لكنك لن تصل لشيء محدد.
تدري يا صديقي الفضولي، يمكنك أن تضربها، لنرى هل تثبت على الجزء من محيطها الذي تدور عليه أو تسقط على أحد جنبيها، وبعدها سأحدد بماذا أخبرك.

قلت له أنت تغامر يا سيد هُبل بشكل كبير، هل تتذكر العرّافة التي في العقبة، هل تعمل بماذا كانت تهمس في أذني ؟
لقد كذبت عليك وأخبرتك أنها تتحدث عن سيدة اسمها فاطمة عملت سحرًا قد أصابني، الحقيقة لم تكن كذلك، بل قالت أنني سأتزوج فتاة اسمها جمانة.
السؤال لك الآن ويجب أن تجاوب عليه بصدق بعيدًا عن طبيعتك التنافسية ورغبتها في التحدي، هل فكرت ولو بدرجة متدنية جدًا، أن الخاتم لو وقف على نقطة في محيطه أنك ستترك جمانة، وأن هذا قدرًا، قد كُتب عليك ؟
.........

عيضة.

ننادي كلب جيراننا .. عيضة حين تزورنا أختي وزوجها الذي اسمه عيضة ، لا تزعل سلوى ولا تهتم لأنها تكون مشغولة أغلب وقتها في تنظيفنا وترتيب المنزل وغسيل ملابسنا لا يقترب الغروب إلا وهي منهكة متعبة ولا تفارقها الابتسامة ورغم ذلك ننادي كلب جيراننا عيضة ، نفعل ذلك حتى يرحل ولا يبات عندنا ، تعيش أختي في البلدة القريبة منّا مسافة ساعة تقريبا بالسيارة ، وأحيانا لو اضطررت الذهاب هناك أقطعها سيراً في أقل من ذلك اختصر فيها الكثير من الطرق ، أختي الصغير وأنا وجدتي نعيش بعد أن تركتنا والدتي لتتزوج في بلدة بعيدة، يكفي أن أقول عنها بعيدة ، ذلك يريحني .

تصغرني أختي بسنتين هي في العاشرة أو اقل منها ، تقول ليت جدتي لا تموت حتى لا نضطر للذهاب ونعيش عند عيضة، عضية حينما يزورنا لا يدخل منزلنا يذهب في جولة بسيارته الونيت المزبرقة بالنسافات وبعض المصابيح والسلاسل .. الخ.

سيارته تشبه شخصيته وشكله الذي يهتم به كثيرا ، يدهن شعره بكريم أبيض يأتي في قوارير زجاج لا أراها هذه الأيام في البقالات ولا حتى المحلات الكبيرة يفرقه ويمشطه على الجانب الأيسر، أشعر أنه مقرف وهو يبادلني هذا الشعور أنا والصغيرة وجدتي أسمعه دائما يقول لزوجته أخوانك مقرفين لو تنظفي فيهم طوال الأسبوع ما شربت في بيتكم كأس ماء ، تضحك أختي وتقول عارفتك يا بوزيد ما تعرف تغسل مؤخرتك زين، لا ينتظرها تكمل مزيد من السباب، وقتها أرفع صوتي منادياً الكلب عيضة، في غضب ينطلق مخلفاً وراء ونيته سحابة من الغبار.

تخلص عيضه من الوانيت حينما خذله وتوقف به في منتصف الطريق حاملا زوجته التي أصابها نزيف،بقي حاملها بين يديه مسافة طويلة حتى وجد من يحمله للمركز الصحي، هناك فقد زوجته بعد ما أنجبت له سلوى، هو اسم والدتها، وعندما استعاد بعضاً من عافيته تخلص من الونيت من على جرف، كان ينظر له وعيونه تحمل انتقاماً لابد منه، وانتقم عيضه لكن وضعه العقلي لم يكن على ما كان عليه أصبح لا يدهن شعره ولا يفرقه ولا يلبس جزمته ولا شراباته المقلمة باللون الأزرق والأبيض، حتى سلوى أحياناً لا يشعر بوجودها، اضطررنا أن نحضر عيضة وسلوى إلى منزلنا ، نخرجه كل عصرية على دكة بجوار المنزل، ولم تفارقه نظر القرف التي يرمينا بها، وسلوى الصغيرة تلاعب كلب الجيران وتناديه عيضة .
...........

الفتاة التي كانت تجاوب دائمًا بـ " ايوا "

في الحزن ..
لا يمكننا أن نجتمع، أنا وأنتِ وقنديل البحر.

كان يتلبس بلباس رجل عجوز رث الملابس ينتظر الصدقة ، وحينما تمرّ بجوار العريشة التي كان يجلس فيها كل صباح وتحميه من حرارة الشمس .. يبادرها بسؤال أنت بنت السيد؟ وفي كل مرّة تجاوبه بـ ايوا ، لكنه لا يفهم ماذا تقصد بـ قولها لذلك يكرر عليها السؤال كل يوم وهي تجاوب بنفس الجواب ، لم يفهم ما تقصد وهي لم تتعجب كم تكرر نفس السؤال لها . لكنها حين قررت أن تبدل جوابها ، توقفت عند العريش تبحث بنظراتها عنه ولم تجده ، كانت تردد لا لست ابنة السيّد.

وبعد مسيرة زمن قصير نحو الجدول كعادتها وجدت رجل قابع على صخرة لا يتحرك وكأنه جزء منها وحين مرّت بجوارها أستوقفها بسؤال : هل أنت ابنة السيد ؟ كان جوابها بـ ايوا ورحلت حتى أنها لم تلتفت له أثناء الجواب، كذلك كان سؤاله يتكرر في ثاني وثالث يوم وهي تكرر له نفس الجواب وحين قررت في مساء اليوم الرابع أن تبدل جوابها بـ لا لم تجده على الصخرة وأيضاً تركت له جوابها في عدم وجوده " لست ابنة السيد.

تعجبت وهي تشاهد سيدة ولأول مرّة تسقي معها من نفس المكان في الجدول، وحين حاولت أن تتبادل معها الحديث كان قد عجلتها بسؤال هل أنتِ ابنة السيد ؟ بتلقائية كانت تقول "ايوا " وتصمت عن أي شيء آخر وتواصل سيرها نحو المكان الذي تقصده ، عادت في صباح اليوم الثاني لتخبر المرأة التي تسقي معها أنها ليست ابنة السيدة لكنها لم تجدها في المكان ولم تنتظر ولم تترك لها أي جواب بل رحلت على عجل.

لم تهتم بكل ما حدث لها إلا أنها ذات صباح ووالدها متربع وبين يديه طعام يتناوله همست بصوت خجول، كانت رغبتها قوية أن تقوله ولا يسمعها لكنه سمعها وهي تقول .. هل أنت السيّد ؟
اتجه بجسده نحوها وقال " ايوا ".
.............
عطية

ربما لا تعلمون أن اسمي عطية .
الآن أخبرتكم باسمي والذي هو أيضا اسم بقية إخواني ، جميعهم يناديهم والدي باسم عطية ، كذلك أخواتي الثلاث يناديهم والدي بـ عطيه ، لا يهم من كان يريد وقت ما ينادي ، المهم أن تأتي واحدة أو واحد استجاب ، والدي يقول كنت أشبه الفقر ، حتى أرهبني ذلك ، فلجأت إلى عدم الإسراف في أي شيء ، في المستشفى عرفت أن اسم والدتي حرم عطية ووالدي ينادونه " أبو عطية " ، وفي أول يوم دراسي ، حينما كان المدرس ينادي باسم طلبة الفصل وتوقف عند عطية عطية ، ولأنه لم يقف أحد عند ذلك الاسم ، قررت أن أرفع يدي .. أتوقع أنه يقصدني .


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
القهوة وما أدراك ما القهوة لبنى الصحة والجمال،وغراس الحياة 10 05-01-2023 01:00 PM
راوية لعبة الاقدار ابن البادية قناديـلُ الحكايــــا 19 02-22-2022 07:34 PM
إمرأة من رائحة الخيام تيم الله سحرُ المدائن 11 08-30-2021 12:02 AM
رائحة البراندي في شفتيك جيفارا سحرُ المدائن 14 06-08-2021 08:05 PM
رائحة الصباح.. علي المعشي سحرُ المدائن 9 04-11-2021 08:06 PM

Bookmark and Share


الساعة الآن 03:17 AM

أقسام المنتدى

المدائن الدينية والاجتماعية | الكلِم الطيب (درر إسلامية) | أرواح أنارت مدائن البوح | الصحة والجمال،وغراس الحياة | المدائن الأدبية | سحرُ المدائن | قبس من نور | المكتبة الأدبية ونبراس العلم | بوح الأرواح | المدائن العامة | مقهى المدائن | ظِلال وارفة | المدائن المضيئة | شغب ريشة وفكر منتج | المدائن الإدارية | حُلة العيد | أبواب المدائن ( نقطة تواصل ) | محطة للنسيان | ملتقى الإدارة | معا نحلق في فضاء الحرف | مدائن الكمبيوتر والجوال وتطوير المنتديات | آفاق الدهشة ومواسم الفرح | قناديـلُ الحكايــــا | قـطـاف الـسـنابل | المدائن الرمضانية | المنافسات الرمضانية | نفحات رمضانية | "بقعة ضوء" | رسائل أدبية وثنائيات من نور | إليكم نسابق الوفاء.. | الديوان الشعبي | أحاسيس ممزوجة | ميدان عكاظ |



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
 المنتدى حاصل على تصريح مدى الحياه
 دعم وتطوير الكثيري نت
مجتمع ريلاكس
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas