قراءتي لنص( السقوط) أ. غرباء نحن

قراءتي لنص( السقوط) أ. غرباء نحن

الومضة القصصية هنا على هذا الرابط
https://www.boohalharf.com/vb/newrep...streply&t=9534

يقول المثل الصيني القديم:" كلما ارتفعنا عاليا، كان السقوط أشد قسوة "وهي عبارة تنسجم وتتناسق مع ناموس الكون وقوانين الطبيعة، وتنطبق كذلك على حياة الأمم والأفراد، والشواهد في التاريخ كثيرة ومتعددة، لعل أشهر مثال عليها روما وأباطرتها: نيرون وكاليجولا وكومودوس، وغيرهم من قادة وزعماء على مر العصور بُجلوا وقُدسوا في حياتهم، رغم تسببهم في إذلال وإهلاك جزء كبير من شعوبهم.

وفي الفيلم الألماني "السقوط" الذي يعرض الأيام الأخيرة من سيرة الديكتاتور النازي أدولف هتلر، أحد أبرز هؤلاء الطغاة، والانهيار السريع والمدوي لحكمه العنصري، تتجلى الغطرسة والتفرد باتخاذ القرارات المصيرية، وإصدار الأوامر الدموية، ثم النهاية المروعة والحتمية لسلطة قائمة على التمييز والاضطهاد وجنون العظمة.

والنص يطرح نفس الفكرة بطريقة ساخرة تعتمد على الإيجاز والمفارقة، وتصور تناقض وتفاهة تفكير عينة من الناس، تبيع من أجل مقابل مادي ضئيل إنسانيتها وأعز ما تتمسك به النفوس السليمة، ثم لا تلبث أن تشجع جلادها المرتشي والفاسد، على ما قد يقترفه في حقها أو في حق الآخرين من أبناء جلدتها من إساءات مقصودة أو فظائع مروعة، رغم أن أفعاله تدل على إرادة وقصد متعمد (اشترى- أمر).

وفي التعبير عن كمية المال بالحفنة إشارة إلى بخس الثمن الذي ابتاع به ضمائر الطامعين، وأن الجبن شيمة لصيقة بالخونة والمنتفعين. والإبصار قرين المعرفة والتيقن وانتزاع الأعين قد يكون أيضا بتشويه الحقائق وقلبها، حتى يستوي الأعمى حقيقة والبصير في دولة الحاكم المستبد والإعلام المضلل، وفي وصف الشعب المقتلعة أعينه بالرعية استقباح لفعل المسؤول وعظمه جراء خيانته لأمانته، استنادا إلى الحديث النبوي الشريف:" كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"
وكلمة الرعية تطلق أيضًا على الماشية المرعية، والتي قد تتقرب من جزارها وتبتهج بأصواتها عاليا من أجل نيل رضاه، دون أن تعي المصير البائس الذي ينتظرها على يديه. ومثلها البشر السائرون بحماس وبلاهة كالقطيع الأعمى نحو الهاوية السحيقة.

كما أن السقوط قد يكون حقيقيا ومفاجئا لصاحبه، إذ لم يدر بخلده أن يقابَل أمره الجنوني بالترحاب الظاهر والموافقة الصاخبة، أو أن قوة التصفيق هزت نفسه وأربكتها فسقط في دلالة على هشاشة سلطته وضعفه، وقد يكون مجازا وتعبيرا عن سقوط أخلاقي وتاريخي، ومقدمة لغرور مفرط وتجبر على رعية خانعة، يصدق عليها قول المتنبي:

من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام

للمزيد من مواضيعي

 

.
.

قراءة جميلة
تشي بالجهد المبذول في إيضاح المعنى وتقريبه
بوركت الياسمين على ما تناولتيه
وإظهار العمل بأبهى حلّة

ونص الأخ غرباء نحن .. جميل ويستحق هذه القراءة
سلمت الروح ودامت
المكافأة المستحقة