عرض مشاركة واحدة
قديم 10-14-2020, 12:54 AM   #2


الصورة الرمزية سليدا
سليدا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9
 تاريخ التسجيل :  Sep 2020
 أخر زيارة : 02-06-2023 (10:23 PM)
 المشاركات : 69,959 [ + ]
 التقييم :  267128
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
لوني المفضل : Crimson


افتراضي رد: دمشق الشام في القرآن الكريم



في القرآن الكريم
ولأنَّ النُّبوَّة كانت بالقرآن ومن وراء القرآن فمن المستحسن بل الجدير، قبل أن نعرض لما جاء في ذكر دمشق الشَّام والشَّام من الأحاديث النَّبويَّة الشَّريفة، أن نشير إلى بعضِ الآيات القرآنيَّة الكريمة التي ذَهَبَ بَعْضُ المفسِّرين إلى أنَّ مراد الله تعالى منها هو دمشق أَو الشَّام أَو كليهما.
أولاً: سورة التين
يقول الله تعالى: « وَالتِّيْنِ وَالزَّيْتُوْنِ، وَطُوْرِ سِيْنِيْنَ، وَهذا البَلَدِ الأَمِيْنِ ».
وقد رُوي عن قتادة أنَّهً قال: « لقد أقسم الله تعالى بأربعة مساجد، فإنَّ التين هو مسجد دمشق، والزيتون هو مسجد بيت المقدس، وطور سينين حيث كلَّم الله عز وجلَّ موسى عليه السلام، والبلد الأمين مكة المشرفة ». وفي رواية أخرى عن قتادة ذاته أوردها ياقوت الْحَمَوِيُّ في معجم البلدان أنَّهً قال: « والتِّين هو الجبل الذي عليه دمشق ».
وعن يزيد بن ميسرة أنَّهً قال: « أربعة أجبل مقدَّسة بَيْنَ يدي الله تعالى: طور زيتا، وطور سينا، وطور تينا، وطور تيمانا. قال: فطور زيتا بيت المقدس، وطور سينا طور موسى عليه السلام، وطور زيتا مسجد دمشق، وطور تيمانا مكة المشرَّفة ».
وعن محمد بن شعيب قال: « سمعت غير واحدٍ من قدمائنا يذكرون أنَّ التِّين مسجد دمشق، وأنهم قد أدركوا فيه شجراً من تينٍ قبل أن يبنيه الوليد ». وعن عمرو بن الدونس الغساني في تفسير التِّين قال: « التِّين مسجد دمشق، وكان بستاناً لهود عليه السَّلام، وفيه تينٌ قديم ».
ثانياً: سورة الإسراء
يقول الله عزَّ وجلَّ من قائل في مطلع سورة الإسراء: « سُبْحَانَ الَّذِيْ أَسْرَىْ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِيْ بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْر » .
إذا فتحنا كتب التفاسير وجدنا أنَّ ثَمَّةَ شبه إجماع بَيْنَ المفسِّرين على أنَّ المقصود بباركنا حوله هو دمشق أَو عموم الشَّام.
ثالثاً: سورة الأعراف
يقول الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف: « وَأَوْرَثْنا الْقَوْمَ الَّذِيْنَ كَانُوْا يُسْتَضْعَفُوْنَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيْهَا...»( ). قال فرات القزاز: «سمعت الحسن يقول في قوله تعالى: « مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا » أي مشارق الشَّام ومغاربها. وأغلب الظَّنِّ أنَّ الحسن البصري ذهب هذا المذهب في التَّفسير استناداً إلى قوله تعالى في سورة الإسراء: «...الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِيْ بَارَكْنَا حَوْلَهُ...». الذي كان ثَمَّةَ شبه إجماع بَيْنَ المفسِّرين على أنَّ المقصود بباركنا حوله هو دمشق أَو عموم الشَّام. ويتأكَّد هذا الفهم أكثر مع قول قتادة: « التي باركنا فيها: الشَّام ».
وعن مالك عن يزيد بن أسلم: «التي باركنا فيها، قال: قرى الشَّام. وكذلك قال سفيان والسدي وغيرهم».
رابعاً: سورة الأنبياء
يقول الله عزَّ وجلِّ في سورة الأنبياء: « وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوْطاً إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيْهَا ».
ذكر جار الله الزَّمخشري إمام البلاغة وأحد أئمَّة المعتزلة في تفسيره الموسوم بالكشَّاف أنَّ أبا العالية روى عن أُبَيِّ بن كعب قوله: « إنَّ الأرض التي بارك الله فيها هي الشَّام »، « وهو حديثٌ مرفوعٌ عن وله روايات أخرى ». ويبدو هنا الانسجام والترابط بَيْنَ هذا التفسير وتفسير قوله تعالى: « الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِيْ بَارَكْنَا حَوْلَهُ ». الذي أشرنا إليه قبل قليل.
خامساً: سورة المؤمنون
في الحديث المروي عن أبي أمامة أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلَّم عندما تلا الآية: « وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِيْنٍ ». قال: « هل تدرون أين هي؟
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: هي الشَّام، بأرضٍ يقال لها الغوطة، مدينة يقال لها دمشق، هي خير مدائن الشَّام ».
وكذلك روى عكرمة عن ابن عباس أنَّهً قال: «هي دمشق. وعن نافع عن يزيد بن سخبرة قال: دمشق هي الرَّبوة المباركة»( ) وكذلك في معجم البلدان لياقوت الحموي أنهم قالوا في قوله عزَّ وجلَّ: « وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِيْنٍ » قال: هي دمشق، ذات قرارٍ وذات رخاء من العيش وسعةٍ ومعينٍ كثيرة الماء».
سادساً: تعليق
هذه بعض الآيات القرآنية الكريمة التي ذهب المفسرون إلى أنَّ المقصود بها هو الشَّام أَو دمشق الشَّام، ولَعَلَّ مزيداً من البحث يكشف عن بعض التَّفسيرات الأخرى، ولكنَّ الملفت للانتباه أنَّ القاسم المشترك بَيْنَ الآيات وتفسيرات أنَّ البركة والنَّعيم من الله تعالى أينما ورد قال المفسرون أنَّ المقصود بهما الشَّام، فما من آية قال الله تبارك وتعالى فيها: باركنا فيها أَو حولها » إلا وذهب المفسرون إلى أنَّ المقصود هو الشَّام. وَلَعَلَّهُم بنوا ذلك كلَّه على تفسير الرَّسول محمد صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: « وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِيْنٍ ». أنَّ المقصود بهذه الربوة هو الشَّام، وأنَّ دمشق التي بها هي خير مدائن الشَّام.
خاتمة مشتركة حَتَّى الآن
إن ما ذكرنا من أحاديث النَّبيِّ المصطفى صلى الله عليه وسلَّم عن دمشق والشَّام هي الأحاديث الأكثر شهرة. وهي أحاديث واضحةٌ صريحة لا تحتاج إلى الشَّرح أَو التبيان أَو التَّفسير أَو التَّأويل. وهي كلها مؤشِّر على المكانة السَّامية السامقة لدمشق الشَّام.
قد يكون بعضُ سندِ بعضِ هذه الأحاديث ضعيفاً، أَو مفتقراً إلى التَّواتر الذي اشترطه رواة الحديث المتشدِّدين في الشُّروط، ولكِنَّهَا بتكاملها مع بعضها مقارنةً ومقاربةً ومقابلةً تقودنا إلى صحَّة قاسمٍ مشترك بينها يصعب التَّنازع في صوابيَّته وهو إيثار الشَّام بمديحٍ كبيرٍ لم تحظ به مدينة في العالم على لسان رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وسلَّم. ويعزِّز من هذه المكانة والقيمة ما سبق الإسلام من تاريخ بلاد الشَّام، وما أثر عن الأديان السماويَّة في القيمة التَّاريخية للشَّام ماضياً في تلك الأحيان من جهة كونها أرضاً للأنبياء ومنبتاً لهم. ومستقبلاً في النُّبوءات الدِّينيَّة التي أَجْمَعَتْ على جَعْلِ الشَّام أرضَ انتصار الحقِّ، أرض انتصار الخير، أرض القيامة...
فإذا كان هذا ما قاله رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وسلَّم في دمشق، وهو الذي قال تعالى فيه: « وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىْ. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوْحَىْ. عَلَّمَهُ شَدِيْدُ القِوَىْ »، فلا عجب إذن في أن نجد أنفسنا أمام الكم الهائل من الأشعار والأنثار الذي فاضت به القرائح، وجادت به المواهب في تقريظ دمشق والشَّام، والتَّسابق في إجادة وصفها ومدحا وتعداد خصائصها ومزاياها، وبلدانها وقراها، وما فيها من الورد والزَّهر والشَّجر، والينابيع والأنهار، والصَّنائع والمواقع، والمنتزهات، والأعلام... وغير ذلك الكثير الكثير.

هذا الكلام كلُّه، سيَّان أكان صحيح التأويل لما كان من القرآن الكريم أم لم يكن، وسيًّان أكان صحيح النسب إلى الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم أم لم يكن صحيحاً، يشير إلى أنَّ الناس القدامى التي قرأت ما قرأت من القرآن الكريم والحديث النَّبوي الشَّريف وجدت في دمشق الشَّام والشَّام من البهاء والجمال والجلال، والخير والخيرات والخلال، والعزِّ والعزة والعزوة... ما جعلهم يقدِّسونها قداسة منقطعة النَّظير، ربطتها بالقداسة الدِّينيَّة ربطاً وثيقاً.

إذا أضفنا إلى ذلك الحقيقةَ التَّاريخيَّةَ التي يتعذَّر نكرانها، وهي أمَّ الشَّام الكبرى هي مهد الإنسان الأول، ومهد التَّاريخ، وأَنَّهَا هي التي عَلَّمَت العالم الكتابة والقراءة والحساب والفلك والشِّعر والموسيقى... وأنَّ دمشق أقدم عاصمةٍ مأهولةٍ في التَّاريخ... وجدنا أنَّ أهل الشَّام الكبرى أمام مسؤوليَّةٍ تاريخيَّةٍ كبرى تجاه دمشق الشَّام والشَّام. فهل من مستمع؟!


 

رد مع اقتباس
 
1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47