منتديات مدائن البوح - عرض مشاركة واحدة - الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-28-2024, 07:06 AM   #297


الصورة الرمزية البراء
البراء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 968
 تاريخ التسجيل :  Feb 2024
 أخر زيارة : 01-26-2025 (07:30 AM)
 المشاركات : 39,647 [ + ]
 التقييم :  46421
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkkhaki


افتراضي رد: الأخلاق المذمومة في الإسلام ( متجدد )



تابع – الشراهة

الوسائِلُ المُعينةُ على تَركِ الشَّراهةِ

ويُمكِنُ التَّخلُّصُ مِن هذه الصِّفةِ بـ:
1- الاستِعانةِ باللهِ تعالى.
2- معرفةِ أنَّ الشَّرَهَ سببٌ مِن أسبابِ الوُقوعِ في الموبِقاتِ؛ قال أبو حيَّانَ في قولِه تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ [التوبة: 58] : (وإنَّما لمَزوا الرَّسولَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لشَرهِهم في تحصيلِ الدُّنيا ومحبَّةِ المالِ) .
3- إذا عرَف أنَّ الشَّرَهَ مِن صِفةِ الكلبِ، وهو مِن أوضَعِ الحَيَواناتِ قَدْرًا؛ قال ابنُ القيِّمِ عنه: (هو مِن أخبَثِ الحَيَواناتِ، وأوضَعِها قَدرًا، وأخَسِّها نَفسًا، وهِمَّتُه لا تتعدَّى بَطنَه، وأشَدِّها شَرَهًا وحِرصًا، ومِن حِرصِه أنَّه لا يمشي إلَّا وخَطْمُه في الأرضِ يتشمَّمُ ويستروِحُ حِرصًا وشَرَهًا...، وإذا رمَيتَ إليه بحَجرٍ رجَع إليه ليعَضَّه مِن فَرطِ نَهْمتِه...، والجِيَفُ القَذِرةُ المُروِحةُ أحَبُّ إليه مِن اللَّحمِ الطَّرِيِّ، وإذا ظَفِر بمَيتةٍ تكفي مائةَ كلبٍ لم يدَعْ كلبًا واحِدًا يتناوَلُ منها شيئًا إلَّا هَرَّ عليه وقهَره لحِرصِه وبُخلِه وشَرهِه، ومِن عجيبِ أمرِه وحِرصِه أنَّه إذا رأى ذا هيئةٍ رثَّةٍ وثيابٍ دنيَّةٍ وحالٍ رزِيَّةٍ نبَحه وحمَل عليه، كأنَّه يتصوَّرُ مُشارَكتَه له ومُنازَعتَه في قُوتِه!) .
قيل:
يغدو على أضيافِه مُستَطعِمًا
كالكَلْبِ يأكُلُ في بُيوتِ النَّاسِ .
4- الإشفاقُ مِن ضَررِها على القلبِ والبَدنِ؛ قال ابنُ حبَّانَ: (فالقانِعُ الكريمُ أراح قَلبَه وبَدنَه، والشَّرِهُ اللَّئيمُ أتعَب قَلبَه وجِسمَه) .
5- الصَّومُ؛ فالصَّومُ يُذهِبُ الشَّرَهِ .
6- التَّشبُّهُ بالسَّلفِ في التَّقلُّلِ مِن المَطعَمِ ونَحوِ ذلك مِن أمورِ الدُّنيا؛ قال ابنُ بطَّالٍ: (ينبغي للمُؤمِنِ العاقِلِ الفَهِمِ عن اللهِ تعالى وعن رسولِه أن يتشبَّهَ بالسَّلفِ الصَّالِحِ في أخْذِ الدُّنيا، ولا يتشبَّهَ بالبهائِمِ التي لا تعقِلُ) .
7- القَناعةُ وعَدمُ التَّكالُبِ على الدُّنيا؛ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((اتَّقوا اللهِ وأجمِلوا في الطَّلبِ ؛ فإنَّ نَفسًا لن تموتَ حتَّى تستوفيَ رِزقَها)) .
8- الكَفُّ عن المُشتَهى تكلُّفًا، واحتِمالُ مرارةِ المُجاهَدةِ والصَّبرِ لمُداواةِ الشَّرَهِ وغَيرِه مِن العِلَلِ ؛ قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِيْنَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت: 69] .
وقال الشَّاعِرُ:
تعزَّ بالصَّبرِ على ما تكرَهُ
ولا تُخَلِّ النَّفسَ حينَ تشرَهُ
النَّفسُ إن أتبَعْتَها هواها
فاغرةٌ نَحوَ هواها فاها .
وكان ابنُ سيرينَ إذا دُعِي إلى وَليمةٍ أو إلى عُرسٍ دخَل منزِلَه فيقولُ: (اسقوني شَربةَ سَويقٍ، فيُقالُ له: يا أبا بكرٍ، أنت تذهَبُ إلى العُرسِ تشرَبُ سَويقًا! فكان يقولُ: إنِّي أكرَهُ أن أجعَلَ حِدَّةَ جوعي على طَعامِ النَّاسِ!) .
9- تعويدُ الصِّغارِ على تَركِ الشَّرَهِ وشدَّةِ الحِرصِ، وقد ذُكِر في تأديبِ الأحداثِ والصِّبيانِ أنَّه ينبغي أن (يُزيِّنَ عندَه خُلْفَ النَّفسِ والتَّرفُّعَ عن الحِرصِ في المآكِلِ خاصَّةً، وفي اللَّذَّاتِ عامَّةً، ويُحبِّبَ إليه إيثارَ غَيرِه على نَفسِه بالغِذاءِ، والاقتِصارَ على الشَّيءِ المُعتدِلِ، والاقتِصادَ في التِماسِه) .

قِصَصٌ ونماذِجُ مِن صُورِ الشَّراهةِ
1- حمَل الشَّرَهُ إلى الوقاعِ قومَ لوطٍ على إتيانِ الفاحِشةِ ما سبَقهم بها مِن أحدٍ مِن العالَمينَ؛ قال لهم لوطٌ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ [الشعراء: 165-166] .
2- وأكَل أهلُ مَدْيَنَ أموالَ النَّاسِ بالباطِلِ، فطفَّفوا الكيلَ والوَزنَ، وبخَسوا النَّاسَ أشياءَهم، ورفَضوا التَّقيُّدَ بالشَّرعِ في مُعاملاتِهم؛ قال تعالى: وَإِلَى مِدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُه وَلَا تُنقِصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ * وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثُوا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ * قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ [هود: 84 - 87] .
3- قال تعالى: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ القُرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمٍ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ [الأعراف: 163] .
وكان اللهُ سبحانَه قد أباح لهم الصَّيدَ في كُلِّ أيَّامِ الأسبوعِ إلَّا يومًا واحِدًا، فلم يَدَعْهم حِرصُهم وجَشعُهم حتَّى تَعدَّوا إلى الصَّيدِ فيه، وساعَد القَدَرُ بأن عوقِبوا بإمساكِ الحيتانِ عنهم في غَيرِ يومِ السَّبتِ، وإرسالِها عليهم يومَ السَّبتِ .
4- وعن أنسِ بنِ مالِكٍ رضِي اللهُ عنه، قال: ((أُتِي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمالٍ مِن البَحرينِ، فقال: انثُروه في المسجِدِ، وكان أكثَرَ مالٍ أُتِي به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فخرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الصَّلاةِ ولم يلتفِتْ إليه، فلمَّا قضى الصَّلاةَ جاء فجلَس إليه، فما كان يرى أحدًا إلَّا أعطاه، إذ جاءه العبَّاسُ، فقال: يا رسولَ اللهِ: أعطِني؛ فإنِّي فادَيتُ نَفسي، وفادَيتُ عَقيلًا، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: خُذْ، فحَثا في ثَوبِه، ثُمَّ ذهَب يُقِلُّه فلم يستَطِعْ! فقال: يا رسولَ اللهِ، اؤمُرْ بعضَهم يَرفَعْه إليَّ، قال: لا، قال: فارفَعْه أنت عَلَيَّ، قال: لا، فنثَر منه، ثُمَّ ذهَب يُقِلُّه، فقال: يا رسولَ اللهِ، اؤمُرْ بعضَهم يرفَعْه عليَّ، قال: لا، قال: فارفَعْه أنت عليَّ، قال: لا، فنثَر منه، ثُمَّ احتمَله، فألقاه على كاهِلِه، ثُمَّ انطلَق، فما زال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُتبِعُه بَصرَه حتَّى خفِي علينا؛ عَجبًا مِن حِرصِه، فما قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وثَمَّ منها دِرهَمٌ)) !
وإنَّما لم يأمُرْ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ برَفعِ المالِ على عُنقِ العبَّاسِ رضِي اللهُ عنه؛ ليزجُرَه ذلك عن الاستِكثارِ في المالِ، وألَّا يأخُذَ مِن الدُّنيا فوقَ حاجتِه، ويقتصِرَ على ما يبلُغُ منها المَحلَّ، كما كان يفعَلُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ .
5- قال أبو طالِبٍ المكِّيُّ: (حدَّثني بعضُ إخواني عن بعضِ أهلِ هذه الطَّائِفةِ، قال: قدِم علينا بعضُ الفُقَراءِ، فاشتَرَينا مِن جارٍ لنا جَملًا مشوِيًّا، ودَعَوناه عليه في جماعةٍ مِن أصحابِنا، فلمَّا مدَّ يدَه ليأكُلَ، وأخَذ لُقمةً، وجعَلها في فيه؛ لَفَظها، ثُمَّ اعتزَل، وقال: كُلوا أنتم؛ فإنَّه قد عرَض لي عارِضٌ منَعني مِن الأكلِ! فقلْنا: لا نأكُلُ إن لم تأكُلْ معَنا، فقال: أنتم أعلَمُ، أمَّا أنا فغَيرُ آكِلٍ، ثُمَّ انصرَف، قال: فكرِهْنا أن نأكُلَ دونَه، فقلْنا: لو دَعَونا الشَّوَّاءَ فسألْناه عن أصلِ هذا الجَمَلِ؛ فلعلَّ له سببًا مكروهًا! فدَعَوناه فلم نزَلْ به نسألُ عنه حتَّى أقرَّ أنَّه كان مَيتةً، وأنَّ نَفسَه شرِهَت إلى بَيعِه؛ حِرصًا على ثَمنِه، فشواه، فوافَق أنَّكم اشتَريتُموه، قال: فمزَّقْناه للكِلابِ، قال: ثُمَّ إنِّي لقيتُ الرَّجلَ بَعدَ وقتٍ، فسألْتُه: لأيِّ معنًى تركْتَ أكلَه وبأيِّ عارِضٍ؟! فقال: أُخبِرُك، ما شرِهَت نَفسي إلى طعامٍ منذُ عشرينَ سنةً بالرِّياضةِ التي رُضتُها بها، فلمَّا قدَّمْتُم إليَّ هذا شَرِهَت نَفسي إليه شَرَهًا ما عهِدْتُه قَبلَ ذلك، فعلِمْتُ أنَّ في ذلك الطَّعامِ عِلَّةً، فتركْتُ أكلَه لأجْلِ شَرَهِ النَّفسِ إليه!) .
6- كان مِزاجُ المُعتضِدِ باللهِ؛ أحمَدَ بنِ المُوفَّقِ باللهِ، قد تغيَّر مِن فَرطِ الجِماعِ وعَدمِ الحِميةِ .
7- عن أبي موسى عِمرانَ بنِ موسى الطَّرَسوسيِّ، قال: مرَّ فَتحٌ الموصِليُّ بصبيَّينِ معَ أحدِهما كِسرةٌ عليها عَسلٌ، ومعَ الآخَرِ كِسرةٌ عليها كامَخٌ، فقال الذي معَه الكامَخُ للذي معَه العَسلُ: أطعِمْني مِن خُبزِك، قال: إن كنْتَ كلبًا لي أطعَمْتُك. قال: نعَم، فأطعَمه مِن خُبزِه، وجعَل في عُنقِه خَيطًا، وجعَل يقودُه! فقال فتحٌ: (لو رضيتَ بخُبزِك ما كنْتَ كلبًا لهذا!)، قال أبو موسى: (فهكذا الدُّنيا) .
8- أحمَدُ بنُ أبي خالِدٍ وزيرُ المأمونِ كان مِن الشَّرَهِ والنَّهَمِ والتِهابِ المَعِدةِ على كَرمٍ فيه؛ بحيثُ يُضرَبُ به المَثلُ، فيُقالُ: آكَلُ مِن ابنِ أبي خالِدٍ، وأنهَمُ مِن ابنِ أبي خالِدٍ! ويُحكى أنَّه ولَّى كُورةً جليلةً لرجُلٍ بخِوانِ فالَوْذَجٍ أُهديَ إليه! ولمَّا عرَف المأمونُ شَرَهَه وقَبولَه كُلَّ ما يُهدى إليه، وإجابتَه كُلَّ مَن يدعوه؛ أجرى عليه كُلَّ يومٍ ألفَ دِرهَمٍ نُزُلًا! فلم يُفارِقْ معَ ذلك شَرَهَه، وفيه يقولُ القائِلُ :
شَكرْنا الخليفةَ إجراءَه
على ابنِ أبي خالِدٍ نُزْلَه
فكفَّ أذاه عن المُسلِمينَ
وصيَّر في بَيتِه أَكْلَه
وقد كان في النَّاسِ شُغُلٌ به
فأصبَحَ في بَيتِه شُغْله .


( يتبع )


 
 توقيع : البراء






نعم ، هكذا (كلّنا) لما نريد أن نرضي الجميع "إلا" أنفسنا !
و ليتني ما أرضيت سواي !
على الأقل ، حتى أجد من يشاركني حصاد الآهات !


رد مع اقتباس