منتديات مدائن البوح

منتديات مدائن البوح (https://www.boohalharf.com/vb/index.php)
-   سحرُ المدائن (https://www.boohalharf.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   وَمضات وَطن بِرائحة المَطر . (https://www.boohalharf.com/vb/showthread.php?t=6650)

سُقيا 10-31-2021 05:42 PM

وَمضات وَطن بِرائحة المَطر .
 

هكذا باغَتَتني وَمضَة أسلَبَتني شُرودِي ، أثقَلَت جفَافَ الدمع بِإرهَاق
المَشَاعِر ، وَأعْقَبَت صَدرِي ذَبحَة الكَلام ، فَانسَجَمَ
السّكونُ مَع قَرعِ المَطر ، رَائِحَة التُراب ، يقَظَة الحُب، رِسَالة
مَسجُونَة تَتَأتَّى بَعدَ قِرَاءَتها ابتسَامة منغصّة ، لا تَستدعِي إلا
حُرقَة الروح في ظِل النّسيان ..

تذكّر نَهمَكَ المغرُوس بِعريّ ضَحكاتنا وَأنا أمسِك بِكُل
الأشياء التي أهديتنيها إلا يَدك ، تذكّر كيفَ كانَت عفويتكَ تحيلكَ
لِأفُقِ حُبٍ لَم تَحظَى بِهِ لأنَّ بِلادِي صَارَت حُجَّة لا تغرِف منها قَداسَة
التعلّق ، حينَمَا جلدَتنِي بُرودَة الغياب كتبتُ كثيراً ، وَ ابتعدتُ عن الكثيرين
صَارت قِراءتكَ هي كُل ما لديّ ، هيَ قُوتي ، هي وَسع الخَيَال وضيِق الواقع
انفلَقت أحلامِي بينَ البلَدين ، كل ما كان يفعلهُ أبي
أن يقتفي أثرِي في بيتِهم ، لأنَّه كانَ يعتبرني الشُّروق الفعليّ
بِالأرْضِ فكيفَ لَهُ أن يُنصِب خيمَاتِ ذِكري في مكانٍ ليسَ لِي
قُدتُ نفسِي لِعقَبَة التورط ، استحضَرتُ ارتباكِي أمام عينيك
ولا زلتُ أنتشِي أمام بَراءتِي وابتسامتكَ الزكيّة ، تنفّستُ غُربتكَ
وَ خُدُودَ شغفِي بِكَ بعثَرت بِداياتِي ، لَم أكُن قادرة على تصوّر الحَنين
تَسَامَت المَشاعِر وَاصطَفّت أحلامِي كَسِرب حماَم يَهتف
السّلام ، كُنتُ أعرِف أنِي شَامِيّة البَال وَ الأحْوال ، وقد شَاركْتُكَ غُربتكَ حتى بِصمتك
حَتى أنسَاكَنِي السَّفَر ، غَزلتُ انتِظاري وَ حدّثتُ لطفك
بِدموعي لَيالٍ كثيرة ، اقتطعتُ من عُمري لأجِدَ أثَراً
كَان مَن حَولِي يُعايِرُونني بهذا القلب المصون
وأنا أفقدنِي بينَ تيهٍ وآخر ، و أحاولُ التوجّس بِـ نيّة
تُحلل لِي حُبكَ للوَطَن وشَوقكَ إليّ ، كل حقائِب الغُربَة
أغلَقَت إزارَها لطالَما تَمنّيتُ أن تكونَ إحداها مَخزوناً كافياً
لـ كُل شَيء حَدث ، جحظَت عيون قلبي لعلّي أعيدكَ غريباً
لكنكَ بكل الأحوالِ تدثّر كُل مكبوت حَزين بِي
غُضتُ بَصرِي عن ثَورة الحجارة ، وَنلتُ شَرفَ الاكتِفاءِ بِدراسَة
أقمعَتنِي فيها الظُروف ، أنتَ كنت السّبب في فقدانِي
كُل شَيء من يَدي ، لكن انسيابَ الأيامِ أعادكَ لِسابِقِ
عهدك ، رَمقتُ أحلامِي بِصَفعة زمنية تُعَد لوحات مصورة
فيها شِفاهك النسيمية ، وعينين واسعتينِ فيها اللقاءاتِ الشفيفة
يَدكَ التي امتدت كثيراً ورقّت عندَ الوَداع الأخير
فيها نبضٌ خافِت لَم أستطع قتلهُ أو إخمادهُ حتى في سَبيل
غنيمة تُبشّرنِي بالنسيان ، إن وجودكَ يُفصّل ما قُوتِي و وَعكاتِي ، يُشجي
الأيام التي كُنا فيها نُقابل الشمس بِخَجل ، بينَ رائحة الرصاص
وَ زغاريدِ الأمّهات ، فقط الآن أغمِضُ عيني متخيلةً أنكَ تنامُ
على هدهدة في غير موطِنك ، هل أحمِّلُ نفسي أكثَر من طَاقتِي ؟
أعرِف أنكَ تتمنّى لَو تَطرُق أبديّة أبوابِي دوماً لأنكَ تعرف أن أوصِدها في وجه
قلبك ما هيَ إلا غَيرة كَالتِي يرفعُ فيها أطفالنا حجارتهم اتجاه
مَن سَرقوا طفولتهم ، أتُراكَ سَرقْتَ عُمري ؟
الحُب يا عزيزي مدهشة غواياتهُ وطهاراتهُ ، إن دخلتهُ بِقَدسيّة أحلامك
أنزَعتكَ ظروفهُ قوّتك لكنه لم يفعل بِي كذلك أبداً ، ظللتُ مستعِدَة لِأن أتقَاسَم معكَ
صَباحاتِ الوَجدِ وَ ليالي الاغتِراب ، وجدتكَ أخيراً تُحاول شرح
شَوقكَ بأغنية ، وَ أنا أحقق هذا الشّوق بِالصّلاة ، حتى أمَطرت ، وَ أمطَر دُعائِي
لَم تَكُن تَذكُر حُضورِي أبداً ، ولم تنضِج اسمِي على نارِ بالك الصاخبة
كُبّلتُ بكَ بأبرَدِ مَا يُوصَف ،وَ حقنتَ الحَياة بِأهوائِها بِأميالٍ بعيدة
دوماً كنتُ أنا أكمّلنِي ، وكنتَ أنت تسعى أن أكملكَ
لربما كانَ نقصِي أن تعلّقتُ بِما يَرويه المَوت بعيداً عن وَطَنِي
فَالآن عرفتُ أن الـ أحبكِ لا ترفَع قدْرَ شخصٍ وَ
لا تُدركه إلا حقيقتهُ
وَلا تُفقدهُ مبادئه
ولا تنفيه أو تغرّبه
ولا توقعه في شُرور الحُب
وَ لا تُخسرهُ قيمة الانتظار
إلا إنْ أتَت في غير مَوعدها .

النقاء 10-31-2021 05:58 PM

رد: وَمضات وَطن بِرائحة المَطر .
 
هلا بالغالية كاتبتنا الراقية سقيا


يختم النص ويرفع للتنبيهات ويمنح لكِ المكافاة تستاهلين اكثر واكثر


وعودة تليق بسموك

الفيصل 10-31-2021 06:02 PM

رد: وَمضات وَطن بِرائحة المَطر .
 
ملحمة من ملاحم سُقيا, أبطال وأساطير؛ بين الحُلم والحِلم قصة,

رائعة سُقيا,

نبيل محمد 10-31-2021 06:03 PM

رد: وَمضات وَطن بِرائحة المَطر .
 
نص تميز بالمتانة اللغوية والسبك الجيد
مع ميل للسردية والمباشرة
كما تميز بالوطنية وبطاقة عاطفية مذهلة
تختلط فيها الشكوى بالمرارة والتفجع وغياب الآخرين
حبنا لأوطاننا هو طوق نجاتنا وسبيل خلاصنا..
خالص تقديري وإعجابي

إلهام 10-31-2021 06:27 PM

رد: وَمضات وَطن بِرائحة المَطر .
 

رغباتنا تعانق الورق علّها تفيق يوماً
رسمتِ وكتبتِ بأجمل الصور

لكِ السعادة

سُقيا 10-31-2021 06:32 PM

رد: وَمضات وَطن بِرائحة المَطر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النقاء (المشاركة 133740)
هلا بالغالية كاتبتنا الراقية سقيا


يختم النص ويرفع للتنبيهات ويمنح لكِ المكافاة تستاهلين اكثر واكثر


وعودة تليق بسموك


تقديري لكِ على حُسن اهتمامكِ . و كرمكِ . >::

سُقيا 10-31-2021 06:33 PM

رد: وَمضات وَطن بِرائحة المَطر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفيصل (المشاركة 133742)
ملحمة من ملاحم سُقيا, أبطال وأساطير؛ بين الحُلم والحِلم قصة,

رائعة سُقيا,

>::

تُمطر الدنيا فرحاً بِ حضورك أيها الطيب .

سُقيا 10-31-2021 06:37 PM

رد: وَمضات وَطن بِرائحة المَطر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نبيل محمد (المشاركة 133743)
نص تميز بالمتانة اللغوية والسبك الجيد
مع ميل للسردية والمباشرة
كما تميز بالوطنية وبطاقة عاطفية مذهلة
تختلط فيها الشكوى بالمرارة والتفجع وغياب الآخرين
حبنا لأوطاننا هو طوق نجاتنا وسبيل خلاصنا..
خالص تقديري وإعجابي

شَرح بَسيط اعتززتُ بهِ ،
كما المَطر زُرتني ف أرويتَ حدائِق فرحاً .
لا هُنت . >::

يحيى 10-31-2021 06:57 PM

رد: وَمضات وَطن بِرائحة المَطر .
 
:eek:
يا الله ..
كأن أحدهم استخدم حياتنا من قبل بطريقة سيئة
واتينا لنتلقى كل ردات الأفعال ..
سُقيا ..
في تتبع حروفك تأتين بكاملكِ، بكل اندفاعكِ وبالرقة الفائضة منكِ.
بهذه القسوة الذيذة ، وتفعلين بنا مايفعله المطر الغزير بالمنازل الطينية

النقاء 10-31-2021 07:10 PM

رد: وَمضات وَطن بِرائحة المَطر .
 
:eek:
تذكّر نَهمَكَ المغرُوس بِعريّ ضَحكاتنا وَأنا أمسِك بِكُل
الأشياء التي أهديتنيها إلا يَدك ، تذكّر كيفَ كانَت عفويتكَ تحيلكَ
لِأفُقِ حُبٍ لَم تَحظَى بِهِ لأنَّ بِلادِي صَارَت حُجَّة لا تغرِف منها قَداسَة
التعلّق ، حينَمَا جلدَتنِي بُرودَة الغياب كتبتُ كثيراً ، وَ ابتعدتُ عن الكثيرين


كاتبتنا الجميلة سقيا العطاء

جميل دومًا حرفك حتى ان كتب عن غياب ووجع وعتاب
يبتلعني هذا النص في جوفه
ويزرع في وريد الحياة أُغنية من برائحه المطر
ولذلك نذوب في الظلام ونبيعُ كل الماضي
الأحلام والأمنيات الكبيرة كي نظفر بالسلام ولو لبعض الوقت
المتاهة قد تمنحنا بعض السلام ولذلك نضيع فيها ولا نجزع
يُسقي الزرع فيمده إخضرار ويُلهمه درب النجاة

مبدعه سقيا في ومضات الجمال والصور التشبيهية بين السطور

أحسنتي يارقية

شكرًا تتكاثر لروحك الجميلة هناااا


الساعة الآن 08:36 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
مجتمع ريلاكس

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم وتطوير نواف كلك غلا

1 1 1 2 2 2 3 3 3 5 5 5 6 6 6 7 7 7 8 8 8 10 10 10 11 11 11 12 12 12 13 13 13 15 15 15 16 16 16 17 17 17 28 28 28 30 30 30 31 31 31 32 32 32 37 37 37 38 38 38 39 39 39 41 41 41 44 44 44 45 45 45 46 46 46 47 47 47